وفي رواية عن الطيّار قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : بلغني أنّك كرهت مناظرة الناس.
فقال : «امّا كلام مثلك فلا يكره ، من اذا طار يحسن ان يقع ، وان وقع يحسن أن يطير ، فمن كان هكذا لا نكرهه».
ونظيرها رواية اخرى عن عبد الاعلى (٦٣)
وفي حديث اخر عن أبي خالد الكابلي قال : رأيت أبا جعفر صاحب الطاق وهو قاعد في الروضة قد قطع اهل المدينة ازراره ، وهو دائب يجيبهم ويسألونه ، فدنوت منه فقلت : إن ابا عبد الله عليه السلام ينهانا عن الكلام.
فقال : امرك ان تقول لي؟
فقلت : لا والله ، ولكن امرني ان لا اكلّم احداً.
قال : فاذهب فاطعه في ما امرك.
فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام فاخبرته بقصّة صاحب الطاق وما قلت له وقوله لي : اذهب فاطعه في ما أمرك ، فتبسم أبو عبد الله عليه السلام وقال : «يا أبا خالد إنّ صاحب الطاق يكلّم الناس فيطير وينقضّ ، وأنت إن قصّوك لن تطير» (٦٤).
وما ذكرناه هو الوجه في الرويات التي تقول مثلاً : اياكم والجدال فانّه يورث الشكّ في دين الله (٦٥).
هذا وقد اشار الشيخ المفيد الى هذا الوجه في تصحيح الاعتقاد فقال : إنّ نهي الصادقين عن الكلام انّما كان لطائفة بعينا لا تحسنه ولا تهتدي إلى طرقه وكان الكلام يفسدها ، والامر لطائفة اخرى لانّها تحسنه وتعرف طرقه
__________________
(٦٣) رجال الكشي برقم ٥٧٨ و ٦٥٠ ، البحار ٢ / ١٣٦ ح ٣٨ و ٣٩.
(٦٤) رجال الكشي برقم ٣٢٧.
(٦٥) البحار ٢ / ١٣٨ ح ٤٩ ، بيروت ، ١٤٠٠ ، ص ٣٤٠ المجلس ٦٥ ، ح ٢ ، كنز الفوائد للكراجكي ص ١٢٧.