١ ـ مع موازين الكتابة
* موازين الكتابة :
إن من الأمور المتفق عليها ضمنيا في فن الكتابة العلمية هي تلك الموازين المقررة ، والملتزم بها عمليا ، والمنادى بها ولو بالشفاه المطبقة ، والتي تعد (عرفا) للكتاب ، وقد أملتها الحاجة إلى نظام في ما يقرأ ، قبل أن يكتب ، وإن كان الكاتب ـ في عصر الطغيان على الموازين ـ لا يرى نفسه ملزما بكل ما هو (إجماعي) أو (عرف) حتى لو كان معلنا ، فكيف إذا لم يحاول أصحاب (المصلحة) أن يعلنوه ، أو يسجلوه؟!
ولكن ضرورات من قبيل (تصنيف الكتاب) في المكتبة ، ليأخذ موضعه المناسب ، حتى يتناول بيسر وسرعة ، أمر لا يمكن تجاوزه ، لأي غرض كان لأنه ـ فعلا ـ من الثوابت التي لا خلاف فيها ، إذا أريد للكتاب أن يكون متداولا علميا ، وبالخصوص إذا تناول ظاهرة بالدرس والتحليل ، خارجا عن أطر الإعلام والخطابة! وإذا أراد الكاتب أن يكون باحثا منهجيا ، بعيدا عن وهدة (الارهاب الفكري) و (العبث بالفكر) التي ابتليت بها التيارات العلمانية في العالم العربي خاصة ، إذ تسيطر هي على قطاع كبير من قرائه المثقفين ، بهدف تزييف ما يمت إلى شعوب المتكلمين بالعربية ، أو الذين يفكرون على أساس مصادرها الثقافية والفكرية ، والذين يشكل المسلمون غالبيتهم العظمى! مع أن من أوضح ما يميز الكتاب الذي يتناول موضوعا فكريا أو تراثيا ، ويراد له أن يكون خارجا عن إطار (الارهاب) أن يتخذ أسلوب (التوثيق المرجعي) والالتزام بالموضوعية ، على طول الخط ، من أول جرة قلم ، وحتى نهاية المطاف.