* بين الأهداف المعلنة ، والنيات المبطنة :
ثم إن تحديد المؤلف لغرضه الذي تعنى من أجله للكتابة ، لا أنه يدخل في تلك الموازين ، فحسب ، بل هو ضرورة للإسراع في تفاعل القارئ مع الكتاب ، ودرك الكلمة المكتوبة ، في سياق موضعها من جملة المؤلف ، وفي سطور الصفحة ، وصفحات دفتي الكتاب ، تفاعلا لا بد أن يرغب المؤلفون فيه ، فيقدمونه أمام كتبهم.
وليست صفحات الكتاب الذي يعالج مشكلة مستفحلة علمية أو تراثية ، مجالا للبهلوانيات ، حتى تكون السرعة ـ وكذا الاقتحام ـ فيها مطلوبة ، إلا في صورتها الشائعة في الكتابات المعاصرة.
والكاتب الذي يقدم مادته (بكل حياد وتجرد) لا يتخوف من قرائه ، تماما كالطبيب الحاذق الذي لا يخاف من عدوي المرضى الذين يباشر علاجهم ، وهم يراجعونه ، ليجدوا الشفاء على يديه ، مهما كان نوع المرض ، ومهما كان خطرا.
وإذا كان الطبيب يتوجس خيفة في نفسه ، من مرضاه ، فخير له أن يغلق (المطب) ولا يكلف نفسه عناء الإعلانات الفضفاضة حول مهارته في العلاج ، خصوصا إذا لم تكن عنده الخبرة الكافية ، ولا التخصص ، بل ولا عارفا ب (جس النبض) ، بل جاهلا بأصول العلم ، وبمصطلحات الأطباء ، وأسماء الأدوية!! أما إذا كانت اللافتة التي ينصبها على باب (العيادة الطبية) تحمل عنوانا ضخما ، مغريا للمرضى ، بينما هو يعنى بتخصص آخر ، ويبطن من إعلانه المزور هدفا غير طبي ، فإنما يعد في عرف المهن (دجالا) وليس عمله إلا (ابتزاز) و (خيانة)!