الشاخص ، كما في الظهر والعصر ، وكذا في أيام الغيم ، فحمل الجمع الوارد في الأحاديث على الجمع الصوري مشكل بالنسبة إلى المكلفين ، لأنه يوشك أن لا يعلم آخر الظهر وأول العصر مثلا ، بحيث إذا صلى الأولى في آخر وقتها وفرغ منها دخلت الثانية فيصليها ، فتكون صلاته صورة جمع.
هذا بالنسبة إلى زمن الشارع صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وقرون بعد ذلك كثيرة ، وأما العصور المتأخرة فإن تعيين المواقيت فيها قد صار أضبط وأدق ، حتى أن يمكن ضبطها بالدقائق والثواني الزمانية ، فإن كان مراد الشوكاني هذه العصور وما قاربها فهو حق ، لكن الشأن كله في تحقق مثل ذلك بالإضافة إلى أهل العصور الماضية والأزمنة الغابرة ، ومعلوم بالضرورة أن ذلك لم يكن متحققا لا سيما زمن صاحب الشريعة الغراء صلى الله على الصادع بها وعلى آله وسلم.
ومجرد تعريفه الأمة بأوائل الأوقات وأواخرها لا يزيل من مشقة الجمع الصوري شيئا ، فلا يمكن حمل الأحاديث على تشريع الجمع الصوري لاستلزامه إثبات المشقة المنفية بمنطوق النصوص.
فظهر أنه لم يكن هذا الموضوع متحققا في زمن التشريع الجمع البتة ، فلا يجوز أن يكون حكم الجمع المنجز واردا على مثل ذلك الموضوع ، إذ أن الحكم على الشئ منجزا فرع وجوده محققا ، وإذا كان الأمر كذلك فإن القصد إليه لا يخلو من المشقة والحرج النوعيين المنفيين بأصل الشرع ، والجمع الحقيقي أيسر من الجمع الصوري وأسهل بلا كلام ، وهو اللائق بقواعد الشريعة المطهرة ، وقد قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن الله تعالى رضي لهذه الأمة اليسر ، وكره لها العسر.
وقال عليه وآله الصلاة والسلام : إن الدين يسر ، ولن يغالب الدين أحد إلا غلبه.
وبما قررنا يندفع ما دفعه من كلام الحافظ ابن حجر في الفتح.