وإنما نشأ هذا الوهم على أثر جملة وردت في بداية الكتاب ، وذلك أن السيد علي بن ناصر ـ رحمهالله ـ كان قد نظم أبيات في تقريظ (نهج البلاغة) ، فأملاها على بعض تلامذته ، ضمن شرحه نهج البلاغة فكتب : قال السيد دام علوه .. وأورد الأبيات ، وحين رأى الكنتوري عند تصفحه للكتاب في نظرة خاطفة جملة (قال السيد دام علوه) توهم أنه كلام الشارح ، ويريد به الشريف الرضي ، فبنى على أنه شرح النهج في حياة الرضي ، فهو أول شراحه وهو معاصر الرضي!
ولم يتصفح الكتاب أكثر فيرى أنه يحكي فيه عن الوبري ويحكي عن الراوندي ـ المتوفى سنة ٥٧٣ ه ـ في عدة مواضع معبرا عنه بقوله : قال بعض الشارحين ...
والنص الذي يحكيه هو لقطب الدين الراوندي موجود في شرحه حرفيا ، ولربما كان علي بن ناصر أول شراح (نهج البلاغة) في القرن السابع ، فإن الوبري والبيهقي والراونديين والكيدري والماهابادي والفخر الرازي كلهم شراح (نهج البلاغة) في القرن السادس.
والثاني أيضا لا يصح.
فإن الشريف المرتضى وإن كان قد شرح الخطبة الشقشقية إلا أنه لم يثبت أنه أخذها من (نهج البلاغة) وشرح الخطبة التي في النهج ، بل هو بنفسه كأخيه كان له طرق وأسانيد إلى رواية خطب أمير المؤمنين عليهالسلام ، ورسائله وحكمه وشعره وغير ذلك ، وكان له طرق وأسانيد إلى رواية كتب الأقدمين ممن ألف كتبا مفردة في جمع خطب أمير المؤمنين ورسائله عليهالسلام ، كالكلبي والواقدي وأبي مخنف والمدائني وابن المديني والسيد عبد العظيم الحسني وإبراهيم الثقفي والجلودي وغيرهم (٧) فكان يرويها عن مشايخه كالشيخ المفيد مثلا بطرقه
__________________
(٧) راجع : تراثنا ، العدد الخامس ، ص ٢٧ ـ ٤١.