منذ البداية.
فعلى الرغم من ذلك ، فإنا نجد (الإجازة) لا تزال تذكر ، بل نجدها تتداول ، وتتعاطى ، ويستعملها ثلة من العلماء ، ويصدرها آخرون ، ويطلبها جماعة ، وتبحث عنها أخرى ، ويناقش فيها البعض.
بل ، لم ينقطع علماء الإسلام من استعمال الإجازة على طول التاريخ ، وإن ماتت الطرق الأخرى ، أو بارت!
وهذا مؤشر كبير إلى أن للإجازة شأنا آخر ، حيث بقيت مقاومة للاندثار والاضمحلال ، ولو بشكلها الحاضر ، البعيد عن واقعها العلمي ، مما يكشف عن وجود مكانة لها في أنظار العلماء!
فلا يزال العلماء حريصين على الاحتفاظ بعملية الإجازة والاستجارة ، ومهتمين بها غاية الاهتمام ، فهم ، بكل فرقهم وانتماءاتهم المذهبية ، ومع اختلاف ألسنتهم ولغاتهم ، ملتزمون بما يسمى (إجازة الحديث).
ومع القطع بأن الإجازة فقدت أهدافها المنشودة من وضعها ، حيث كانت أداة ـ مقبولة ـ لتحمل الحديث وأدائه ، وضبطه والتوثق من نصه ، إلى جانب الطرق الأخرى المؤدية إلى صحة نسبة النص إلى قائله ومؤلفه ، وبلوغه إلى ناقله وراويه ، فإن بالإمكان تحديد أهداف العلماء ـ في العصور المتأخرة ـ من عملية الإجازة بما يلي :
أولا : إن الإجازة ـ بصورتها الحالية ـ تعبير رمزي عما سار عليه العلماء من أجل الحفاظ على العلم ونصوصه ، والتوثق منها ، في عملية التبادل والتعاطي ، بل هي كما عرفنا صورة وحيدة متبقية من الطرق المعتمدة لتحمل الحديث وأدائه.
فيمكن الاستناد إلى سيرتهم المستمرة على عد أصل عملية (الإجازة) أمرا مستحسنا ذا أثر واضح في دعم المعرفة الإسلامية بالتوثق من نصوصها ، والارتباط بمصادرها ، والاتصال بحملتها ، وكل ذلك كان حرصا على استمرار