حكموا ـ فعلا ـ البلاد الإسلامية ، فهذا شئ آخر ، والتاريخ الماثل لا يقوم إلا على أساس ضبط ما هو الحادث من تسلط مجموعة من الناس بأسم الدين ، وأما السلطة التي يفرضها الدين ، وقررت لها الشريعة الإسلامية أصولا ، وطرفا وأحكاما ، فلها وقع آخر غير ما حدث وكان.
ويحاول العلمانيون أن يوحوا بأن الموجود والمقروء من التاريخ هو الذي يمثل حقيقة سلطان الدين ، إذ بعد تفريغهم للدين من أي نظام صالح للإدارة والحكم ، تبقى هذه السلطة بيد المسيطرين على دفة الحكم فهم المستفيد الوحيد من كل صلاحيات سلطة الدين ، والأنظمة الحاكمة هي تقلب الأمور إلى (دين وتشريع) وتستفيد منها ، وتبلور كل شئ حسب حاجاتها ورغباتها ، فقد تثير حقا لتستغله ، وقد تحيي بدعة لتفرضها فتكون حقا ثابتا في الشريعة ، وحتى لو فرض وجود سلطة للدين ، فإنها في هذا الإطار لا يمكن تحققها ، بل تفقد حيويتها ومصداقيتها للنظام الصحيح ، عند الجماهير.
وهذا الايحاء فيه تعمد إلى إلغاء وعي الجماهير ، وفصلها عن كل من الدين وفهمه ، ومن السلطة والإدارة.
ولكن لو كان للدين سلطة ، ولو في بطون الكتب ، وواقع المعرفة الدينية ، وما دام وعي الجماهير كافيا للوقوف أمام كل سبل التأطير للدين واستغلال سلطته ، وتوظيف اسمه وأفكاره في سبيل الأطماع السلطوية ، فهذا واقع ودليل حي على إمكان إحياء سلطة الدين؟!
فلماذا يحاول العلمانيون ، أن يغمضوا أعينهم عن ذلك الأمر الواقع ، ويحاول إنكاره وتزييفه؟! ولماذا يريدون أن يفرغوا الجماهير من كل وعي ومعرفة وإدراك للإسلام ، ويفرضوا عليه حتميات دبرت بليل من قبل الغرب وعملائه؟!
ولماذا يصطفون اليوم إلى جانب النظم السياسية الراهنة ، في مواجهة المد الإسلامي ، والصحوة الدينية لدي الجماهير المنادية بتطبيق الشريعة