لكن الذين استهدفوا الإسلام في عصرنا لم ينصفوه في أي جانب ، لا في ماضيه ولا حاضره ، ولا في عقيدته ولا شريعته ، ولا في تاريخه ولا ثقافته ولا تراثه ، بل تراهم يشنون الغارة تلو الأخرى على كل ما يمت إليه ، وهذا هو دليل واضع على (العقلية التزييفية) التي تسيطر عليهم ، وقد جعلت غشاوة على سمعهم وعلى أبصارهم ، وفي قلوبهم مرضا هو التشكيك في كل شئ إسلامي!
ومع أن المؤرخين الغربيين يشهدون بأن الإسلام إنما جاء في عصر الظلم والظلمات الجاهلية ، ليهب الأرض العدل والنور ، وينقذ البشرية من ورطات الوحشية والجهل والرذيلة ، فوهب لها الرحمة والعلم والفضيلة ، حتى أصبح الشعب المسلم يحمل مشاعل الهدى والخير والعلم ولقرون عديدة ، ومع هذا فإن العلمانيين الجدد يتجاوزون هذه الحقيقة ، وبكل جسارة ووقاحة ، ويركزون على السلبيات التي ابتليت بها الأمة الإسلامية وعلى يد شراذم ممن دخلوا التاريخ بالتزوير ، فلا يمثلون الإسلامي في أي عنصر من إيجابياته ، ولكن العلمانية تركز على هذه الأمثلة المشوهة لتشويه صورة الإسلام والأمة الإسلامية ، وتسكت عن الأمثلة الرائعة التي تزخر بها الحضارة الإسلامي في الحكم والعلم والأخلاق.
ومن أطوار تزييفهم مقارنتهم بين (التقدم التكنولوجي) و (الثقافة الإسلامية) مع أنهما من مقولتين ، لا يمكن المقارنة بينهما ، فالثقافة الإسلامية لا بد أن تقاس بالثقافة الغربية المعاصرة ، حتى يتبين ما بينهما من التفاوت ، أما التقدم العلمي والتكنولوجي فلا يكون دليلا على التفوق الثقافي والفكري ، بقدر ما هو دليل على المثابرة على العمل واستغلال الظروف والإمكانات ، بينما ظلت الأمة الإسلامية ، وبفعل الغربيين المستعمرين وعملائهم الحكام في المنطقة ، بعيدة عن كل إمكانات العمل الجاد ، بل سد أبواب الابداع والاختراع على الشعب المسلم ، ومواجهة المبتكرين بالاستهانة ، وحتى