ـ كما هو ظاهر في رواية مسلم ـ وتعيين واحد منهما تحكم ، فيوجب العدول منه إلى ما هو واجب من البقاء على العموم في حديث الأوقات للمعذور وغيره ، وتخصيص المسافر لثبوت المخصص. انتهى.
وزعم أن هذا هو الجواب الحاسم.
قلت : بناؤه عدم الاحتجاج بحديث ابن عباس عند مسلم على عدم تعيين الحديث لجمع التقديم والتأخير ـ مع كونه مخالفا لما أجمع عليه أهل السنة والجماعة من الاحتجاج بأحاديث الصحيحين ـ بناء على أصل فاسد ، وما يبني على الفاسد فاسد ، إذ ليس النزاع في جواز الجمع قديما وتأخيرا حتى يقال إن الحديث مجمل غير مبين لأحد الأمرين ، وإنما الكلام في ثبوت أصل مشروعية الجمع في الحضر ، وحديث مسلم وغيره نص فيه كما هو ظاهر جلي.
وأما دعواه بقاء العموم في حديث الأوقات للمعذور وغيره ، فهي مردودة بمخالفتها للنص المعلل بسماحة الشريعة وسهولتها.
مع أن في الكتاب والسنة ما هو صريح في إعذار ذوي الأعذار حتى اشتهر وذاع أن الضرورات تبيح المحظورات ، وهذا لا يكاد يخفى على من اغترف من منهل الشريعة وألم بطرف من الفقه والأحكام.
على أنه لا تنافي ـ في نفس الأمر ـ بين حديث الأوقات وأحاديث الجمع ، إذ أن أحاديث الجمع تقتضي حمل حديث الأوقات على الفضيلة ، وتبين أن المراد من التوقيت في الواقع هو ذلك دون التعين والوجوب ، فلا ينعقد حينئذ عموم من أول الأمر ، فأفهم.
وأما قوله ـ في رد التمسك بأحاديث الجمع في الحضر ـ : إن ما يروى عن الصحابة والتابعين فغير حجة ، إذ للاجتهاد في ذلك مسرح ، فمدفوع بأنه مضافا إلى أن الحجة في المقام ليست خصوص فعل ابن عباس ـ رضوان الله