وقال ابن عدي أيضا : هو أشهر وأكثر حديثا من أن أحتاج أذكر من حديثه شيئا ، وقد حدث عن الأئمة ، وهو ثقة حجة ـ كما قال ابن معين (٣٧) ـ.
قلت : وكأن الخطابي أراد تكلم الدولابي فيه ، وعده من المضعفين لتشيعه ، وهو غير ضائر ، إذ ليس بقدح معتد به ـ عند القوم ـ ما لم يجاوز الحد المعتبر ، ولم ينقل عنه ذلك ، بل وثقوه واحتجوا به ـ كما عرفت.
وهذه الصحاح وغيرها من كتب السنة قد ملئت إلى مشاشتها برجال الشيعة ورواتهم ، فلو رد حديث المتشيعين مطلقا لذهبت جملة من الآثار النبوية ـ كما أعترف بذلك الحافظ الذهبي بترجمة أبان بن تغلب من (ميزان الاعتدال) (٣٨) ـ.
أو أن الخطابي أراد رمي بعضهم إياه بالتدليس ، وليس بشئ لا سيما مع هذه التوثيقات الأكيدة.
وأما دعوى ابن الهمام الحنفي أن حديث ابن عباس معارض بما في صحيح مسلم من حيث ليلة التعريس ، أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : ليس في النوم تفريط ، إنما التفريط في اليقظة أن يؤخر الصلاة حتى يدخل وقت صلاة أخرى.
فهي كما ترى ، وللبحث في ذلك مجال ـ كما قال الآلوسي الحنفي في ـ روح المعاني) (٣٩) ـ ، فإن حديث التعريس لا يعارض جمع التقديم البتة ، وقد يتوهم معارضة ظاهرة لجمع التأخير ، وليس كذلك ، إذ أن فعل ابن عباس رضي الله عنه ـ أعني جمعه بين المغرب والعشاء ـ وتصديق أبي هريرة له ـ كما أخرجه مسلم عن عبد الله بن شقيق العقيلي ـ حجة في جمع التأخير ، فإن الفعل والتصديق إنما كانا بالإضافة إليه.
__________________
(٣٧) تهذيب التهذيب ١ / ٤٣٠ ـ ٤٣١.
(٣٨) ميزان الاعتدال ١ / ٥ رقم ٢.
(٣٩) روح المعاني ١٥ / ١٣٤.