خصوص المرتضى ، مما يقتضي ، عدم مخالفته للطائفة في التزام العلم في غير هذا ، ومنه الأحكام.
كما أن استدلال الكلاميين من الطائفة على ثبوت علم الإمام بالأحكام وضرورة ذلك معروف في كتب الكلام.
ومع كل هذا ، فيكف يمكن أن يريد الطوسي والمرتضى مجرد الشك والاحتمال ـ ولو الاحتمال الراجح ـ من كلمة (الظن)؟!
فلا بد أن يكون المراد بالظن ليس ما يقابل اليقين ، بل يراد به هو (اليقين).
وقد استعمل (الظن) وأطلق على (اليقين) لغة ، وصرح علماء اللغة بذلك :
قال الجوهري : الظن : معروف ، وقد يوضع موضع العلم.
وقال الأزهري : الظن : يقين ، وشك.
وقال ابن سيده : الظن : شك ، ويقين ، إلا أنه ليس بيقين عيان ، إنما هو يقين تدبر (٣٣).
فإذا كان المراد بالظن هو اليقين ، فالمعنى : أن الإمام عليهالسلام لما علم بأن الفعل الكذائي هو الواجب عليه حسب الظروف المعينة التي تحيط به ، فهو عالم بما يقوم به ، في صلحه وسلمه ، وفي خروجه وحربه.
والإمام الحسين عليهالسلام كان على علم ويقين بأن حركته هي إعلان عن حقه في قيادة المسلمين التي آلت إليه في تلك الظروف ، وأنه بخروجه وقيامه يملأ الثغرة التي كادت الدولة الأموية أن توسعها بعد ما أحدثتها ، والضربة القاضية التي كاد يزيد أن يوقعها بالأمة الإسلامية والدين الإلهي ، بعد أن أنهكهما أبوه طعنا ، فكانت حركته سدا منيعا يصد الجاهلية أن تعود إلى
__________________
(٣٣) لاحظ : لسان العرب ، مادة (ظن).