إنها ـ رضياللهعنها ـ في هذه الرواية في معرض التهمة بجر نفع وشرب لنفسها ، فلا يسمع قولها وحدها (٨٢). ولو سلم ، نقول :
إن كونها من أهل البيت قد علق فيها بمشيئة الله تعالى ، فلا [تكون] (٨٣)
__________________
ومن كان هذا شأنه فكيف تعارض روايته حديث أم سلمة الذي تقدم تخريجه ـ وهو الحديث الأول في هذه الرسالة ـ من طرق كثيرة ، ورواه الترمذي وأحمد والحاكم وعشرات غيرهم ، وجميع نصوصه تؤكد إبعاد أم سلمة ـ رضي الله تعالى عنها ـ عن الدخول مع أهل الكساء عليهمالسلام؟!
وأغلب الظن هو وهم الرواة أو تعمدهم ـ لا سيما وفيهم (المغفل والأحمق) ـ بتبديل قول الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : (إنك إلى خير إن شاء الله) ب : (بلى إن شاء الله) ، وبهذا حق للمصنف قدسسره ـ أن يقول في جواب هذا الايراد : (إنا لا نسلم صحة سندها).
ولعل من المناسب هنا أن ننقل قول العبري وهو من فقهاء الشافعية ، ومن شراح (منهاج الوصول) للقاضي البيضاوي ، قال ـ حسبما نقله عنه الأسنوي في نهاية السول ـ ما نصه : (في رواية الشيعة هذا الحديث أنه قال عليهالسلام : (إنك إلى خير) لما أنه قال : (بلى) ولو سلم فكونها من أهل البيت معلق بمشيئة الله تعالى ، فلا تكون من أهل البيت جزما ، والمذهب عنهم الرجس أهل البيت جزما ـ إلى أن قال ـ : فظاهر الآية وإن تناول الأزواج لكن حديث لف الكساء قرينة صارفة عن الظاهر بتخصيص الآية بالعترة ، لأن قوله [صلىاللهعليهوآلهوسلم] : (هؤلاء أهل بيتي) دون غيرهم ، رد لمن اعتقد أن الأزواج أيضا من أهل البيت فيكون قصر [ا] إفراد [ا]).
أنظر : نهاية السول ـ الأسنوي الشافعي ـ ٢ / ٣٩٩ ـ في بحث الإجماع.
(٨٢) لأنه شهادة منها لنفسها ـ رضي الله تعالى عنها ـ ، ورده أمر بديهي عند أرباب الدراية من أهل السنة ، فقد منعوا قبول شهادة المرء لنفسه فيما هو أقل خطرا من هذه الشهادة ، فمثلا ـ في بحث معرفة الصحابة ـ منعوا من الأخذ بقول الصحابي : أنا من الصحابة ، لاحتمالهم أنه لا يصدق في كلامه لكونها متهما بدعوى رتبة يثبتها لنفسه.
أنظر : فتح المغيث بشرح ألفية الحديث : ٣٤٩.
وعلة الرد واحدة في المقامين ، وقبول قول أم سلمة ترجيح بلا مرجح.
هذا ، مع الفرق الشاسع بين ادعاء الصحبة التي لا قيمة لها بلا تقوى وإيمان ، وبين ادعاء الانتماء إلى من أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
ومع رد الادعاء الأول فرد الثاني يكون من باب أولى لخطورته وعظمته.
(٨٣) في الأصل : (يكون) وما بين العضادتين هو الصحيح.