الفصل السابع
أثر البردة في البديعيات
كل قارئ للبردة ولبديعية واحدة ـ أو أكثر ـ يحس في نفسه الصلة بين الاثنتين ، وقد فصل القول في هذا الموضوع الأستاذ علي أبو زيد في كتابه القيم «البديعيات في الأدب العربي» (٣) فلننقل نص كلامه في هذا الفصل ، قال :
٢ ـ المدائح النبوية والبديعيات :
إن تلك الرغبة المنشودة بتأليف كتاب يضم أنواع البديع عند الصفي الحلي لم يستطع تنفيذها لما أصابه ـ كما أشرنا ـ وإذا أوردنا نصه هنا فإنما نفعل ذلك لنأخذ منه دليل العلاقة القائمة بين (البديعيات) والمدائح النبوية ، فقد قال ، بعد أن صرح بعزمه على تأليف كتاب : «فعرضت لي علة ، طالت مدتها ، وامتدت شدتها ، واتفق لي أني رأيت في المنام رسالة من النبي ، عليه السلام ، تتقاضاني المدح وتدني البرء من الأسقام ، فعدلت عن الكتاب إلى نظم قصيدة تجمع شتات البديع ، وتتطرز بمدح مجده الرفيع ، فنظمت مئة وخمسة وأربعين بيتا من بحر البسيط ، تشتمل على مئة وواحد وخمسين نوعا من محاسنه ... وجعلت كل بيت منها شاهدا ومثالا لذلك النوع».
وبعد ذا ، ألم تقترن هذه الحادثة في ذاكرتك بتلك التي جرت مع البوصيري صاحب :
__________________
(٣) ومن الطريف أن الأستاذ كون عنوان كتابه من دائرتين ، الصغرى كتب فيها كلمة «البديعيات» ، والكبرى كتب فيها مطلع البردة ; وهذا كاشف عن اعتقاده الارتباط بينهما ، فجاء العنوان كالإشارة إلى التفصيل الذي سجله في كتابه.