ذلك ، وكذا الشأن بالنسبة إلى رواية هلال بن يساف عن عبد الله بن ظالم ، وإن كان نعته الحديث بالصحة باعتبار بعض الشواهد فسيأتي الكلام على ذلك إن شاء الله تعالى.
واعلم أنه لا ينبغي التعويل على الترمذي في تصحيح الأحاديث وتحسينها ، لتساهله في ذلك ، فكم له في هذا الباب من زلة قدم! وكم قلده أهل الحديث من غير بصيرة اغترارا به وركونا إلى شهرته وذيوع صيته ، في الحكم على الأحاديث! وليس هذا من دأب أهل العلم ، وإنما هو شأن المقلدة.
قال الشيخ أبو العلى محمد بن عبد الرحمن المباركفوري في مقدمة كتابه «تحفة الأحوذي ـ شرح جامع الترمذي» (٨٥) : إعلم أن الإمام أبا عيسى الترمذي مع إمامته وجلالته في علوم الحديث وكونه من أئمة هذا الشأن متساهل في تصحيح الأحاديث وتحسينها.
قال الذهبي في «ميزان الاعتدال» في ترجمة كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المدني : قال ابن معين : ليس بشئ ، وقال الشافعي وأبو داود : ركن من أركان الكذب ، وضرب أحمد على حديثه ، وقال الدارقطني وغيره ، متروك ، وقال أبو حاتم : ليس بالمتين ، وقال النسائي : ليس بثقة ، وقال مطرف بن عبد الله المدني : رأيته وكان كثير الخصومة ، ولم يكن أحد من أصحابنا يأخذ عنه (٨٦) ـ إلى أن قال ـ :
وأما الترمذي فروى من حديثه «الصلح جائز بين المسلمين» وصححه ، فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي. انتهى.
وقال في ترجمة يحيى بن يمان ـ بعد ذكر حديث ابن عباس أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم دخل قبرا ليلا فأسرج له سراج ـ حسنه الترمذي مع
__________________
(٨٥) تحفة الأحوذي ١ / ١٧١ ـ ١٧٢.
(٨٦) وانظر تمام كلامهم فيه في تهذيب التهذيب ٤ / ٥٨٤.