فصل
ويحظر التمسك بهذا الحديث أمور نذكر طرفا منها :
الأول : أن دليل العقل يمنع من القطع بالجنة والأمان من النار لمن تجوز منه مواقعة قبائح الأعمال ، ومن ليس بمعصوم من الزلل والضلال ، فلا يجوز أن يعلم الله تعالى مكلفا كهذا بأن عاقبته الجنة ، لأن ذلك يغريه بالقبيح ، ولا خلاف أن التسعة لم يكونوا معصومين من الذنوب ، وقد واقع بعضهم ـ على مذهب أكثر مخالفينا ـ كبائر ـ وإن ادعوا أنهم تابوا منها ـ فثبت أن الحديث باطل مختلق ، مضاف إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (١٢٢).
الثاني : أن مما يبين بطلان الخبر أن أبا بكر لم يحتج به لنفسه ، ولا احتج به له في مواطن دفع فيها إلى الاحتجاج كالسقيفة وغيرها ، وكذلك عمر ، وعثمان أيضا كيف ذهب عنه الاحتجاج به ـ إن كان حقا ـ لما حوصر وطولب بخلع نفسه وهموا بقتله ، وما منعه من التعلق به لدفعهم عن نفسه؟! بل تشبث بأشياء تجري مجرى الفضائل والمناقب ، وذكر القطع بالجنة أولى منها وأحرى.
فلو كان الأمر على ما ظنه القوم من صحة هذا الحديث عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو روايته في وقت عثمان لاحتج به على حاصريه في يوم الدار في استحلال دمه ، وقد ثبت في الشرع حظر دماء أهل الجنان (١٢٣).
ثم ما الذي ثبط سعيد بن زيد ـ راوي الحديث ـ والطلحتين الناكثين وسائر الأحياء من العشرة يومذاك عن نجدة وليهم بحديث التبشير بالجنة؟! ولم
__________________
(١٢٢) الإفصاح في الإمامة : ٧١ ـ ٧٢ ، تلخيص الشافي ٣ / ٢٤١.
(١٢٣) الإفصاح : ٧٣ ، تلخيص الشافي ٣ / ٢٤١.