فإن قال قائل :
إن الشافعي احتج بمراسيله.
قلنا :
مع أن ذلك لو ثبت لم يكن حجة على غيره ، فإن البلقيني حكى في (محاسن الاصطلاح) عن الماوردي في (الحاوي) أن الشافعي اختلف قوله في مراسيل سعيد ، فكان في القديم يحتج بها بانفرادها ، ومذهبه في الجديد أنه كغيره (٦٧). انتهى.
ثم ليعلم أن الحديثين المتقدمين الصريحين في شراء أبي بكر بلالا ، وكذا بلاغ ابن المسيب ، يدفعها ما رواه ابن عبد البر في (الإستيعاب) (٦٨) بترجمة بلال بن رباح الحبشي مؤذن رسول الله (ص) ، قال : حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد ، قال : نا محمد بن بكر ، قال : نا أبو داود ، قال : قرئ على سلمة بن شبيب ـ وأنا شاهد ـ قال : نا عبد الرزاق ، قال : نا معمر ، عن عطاء الخراساني ، قال : كنت عند سعيد بن المسيب فذكر بلالا ، فقال : كان شحيحا على دينه ، فإذا أراد المشركون أن يقاربهم قال : الله الله! فلقي النبي (ص) أبا بكر فقال : لو كان عندنا مال اشترينا بلالا.
قال : فلقي أبو بكر العباس بن عبد المطلب فقال لسيدته : هل لك أن تبيعيني عبدك هذا قبل أن يفوتك خيره وتحرمي ثمنه؟ قالت : وما تصنع به؟!
__________________
(٦٧) حاشية العطار على شرح (جمع الجوامع) للجلال المحلي ٢ / ٢٠٣ ـ ٢٠٤.
(٦٨) الإستيعاب ١ / ١٤٣ ـ ١٤٤ ، أسد الغابة ١ / ٢٤٣.