يمثل ثقافة تلقينية أصابها اليأس والإحباط المستمر ، مع افتقاره التام إلى معرفة الأسس والقواعد العلمية النقدية الثابتة ـ خصوصا في علم الحديث الشريف ـ التي تؤطر كل دراسة حديثية نقدية بشروط القبول.
ولا عذر لمثل هذا ، إذ لم تعد مسألة نقد الحديث ، مسألة نسبية تختلف باختلاف الناس وتباين ثقافاتهم.
ومن ثم فإن السنة المطهرة نفسها قد أرست بعض القواعد النقدية العامة ، والتي يمكن توظيفها لمواجهة الخطأ.
فالنبي الأعظم صلىاللهعليهوسلم علمنا مكارم الأخلاق ، وهو ـ بأبي وأمي ـ لم يكن فظا غليظ القلب ، وإلا لانفضوا من حوله ، وإنما كان في مواجهته للفكر الجاهلي المتعسف على خلق عظيم بشهادة السماء.
والأمة التي استطاعت أن تواجه الخطأ بهدي سيرته صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى استطاعت ـ وبمدة وجيزة ـ أن تقيم صرح حضارة امتدت جذورها إلى أقصى الأرض ، لقادرة على هذا أيضا.
والذي يحز في النفس ألما ، أن أمتنا قد فقدت المواجهة الصحيحة للخطأ ، وعادت رويدا رويدا إلى جاهلية من نوع آخر ، فيها من روح الابتعاد عن القرآن الكريم والسنة المطهرة الشئ الكثير ، فما أحوجنا اليوم إلى حوار صادق ، ونقد بناء ، ورجوع حثيث إلى الكتاب والسنة!
كما أننا بحاجة ماسة إلى معرفة تراثنا الحديثي ، لا فرق في ذلك بين كتب الحديث السنية أو الشيعية ، فهي كلها في نظر غير المسلم من تراث الإسلام ، وإلى كيفية تنمية المهارات العلمية والقدرات الكفوءة وتوظيفها لخدمة هذا التراث وبنقد يجيد صاحبه التعامل مع الآخرين من منطلق واع يهدف إلى تحقق غرض النقد وأهدافه ، مع التحلي بأدب الإسلام ، ونبذ التصورات الخاطئة ، وتجنب إساءة الظن وفكرة سحق الآخر!