وحين رأوا أن جماعة من الصحابة قد عادوه وحاربوه ، ومنهم : عائشة وطلحة والزبير ، وأن آخرين قد أسسوا دينهم ودنياهم على بغضه ، ومنهم : معاوية وعمرو بن العاص والمغيرة ومروان .. ذهبوا إلى حق هؤلاء في الاجتهاد مقابل ذلك النص ، فهم معذورون وإن أخطأوا ، بل مأجورون أجرا واحدا لأجل اجتهادهم!! (٩٠).
وهكذا أصبح الخروج على نصوص الشريعة حتى في مثل تلك الطرق السافرة ، اجتهادا يثاب صاحبه ، وليس بينه وبين الآخر الذي تمسك بالشريعة وقاتل دونها إلا فرق الأجر! فالذي قاتل الشريعة له نصف أجر الذي قاتل دونها!!
لقد كان الأولى بهم أن يتابعوا سنة الرسول ، ويوقروا نصه الشريف الثابت عنه ، بدلا من إفراطهم في متابعة الأمر الواقع الذي ظهر فيه اختلاف كثير .. ثم إذا أرادوا بعد ذلك أن يعذروا الصحابة ، فما أوسع أبواب الأعذار ، ولقد أجاد ابن تيمية خاصة في إعذارهم في ما ثبت عنهم من فتاوى أو أفعال تخالف السنة الثابتة (٩١).
فالحق أن هذا نص صريح في ولاية علي (ع) ، لا يحتمل شيئا من تلك التأويلات التي ما كانت لتظهر لولا الانحياز للأمر الواقع ومناصرته.
ومما يزيد في ظهور هذا النص وامتناع صحة شئ مما قيل في تأويله : أنه لم يأت يتيما ، فاقدا لما يشهد لمضمونه ، بل في السنة ما ينصره ويفسره ، وأهمها :
__________________
(٩٠) أنظر : الفصل في الملل والنحل ٤ / ١٦١ و ١٦٣ ، البداية والنهاية ٧ / ٢٩٠ ، الباعث الحثيث : ١٨٢.
(٩١) أنظر كتابه : رفع الملام عن الأئمة الأعلام.