قاتل هو (ص) على تنزيله ، فتمنى أبو بكر أن يكون هو ذلك الرجل ، فلم يصدق النبي أمنيته ، بل قال له (لا)! فتمنى ذلك عمر لنفسه فلم يكن أحسن حظا من أبي بكر ، ثم قطع النبي الأماني كلها حين أخبرهم أنه علي ، لا غير! (١٩٥).
هذه الأحاديث وغيرها وإن رويت عن غيره إلا أن روايتها عنه امتازت بكونها خطبا على جمهور الناس ، لا حديثا لواحد أو لبضعة نفر ، وهذا أبلغ في التأكيد على حقه الذي أيقن به ، وأيقن بأن كثيرا من الصحابة كانوا يعرفونه ولا يجهلونه!
٣ ـ وقد ذكر عنه أكثر من هذا بكثير في يوم الشورى أو بعدها ، لكن اختلفوا في تفصيله وفي إسناده أيضا ، وإن كان قد ثبت عندهم ذلك بالجملة ، وأقل ما ذكر من مناشدته تلك ما أخرجه ابن عبد البر : قال علي لأصحاب الشورى : (أنشدكم الله ، هل فيكم أحد آخى رسول الله بينه وبينه إذ آخى بين المسلمين غيري؟).
وقال ابن عبد البر بعده : رويناه من وجوه عن علي (ع) أنه كان يقول : (أنا عبد الله وأخو رسول الله ، لا يقولها أحد غيري إلا كذاب) (١٩٦).
ورواها في (كنز العمال) حديثا طويلا عن أبي الطفيل أنه سمع عليا يوم الشورى يقول .. الحديث (١٩٧) ، وما أخرجه ابن عبد البر قطعة منه ، لكن إسناد (كنز العمال) فيه جهالة (١٩٨) ، وقد دار حوله جدل ، فقيل : رواه زافر عن
__________________
(١٩٥) سنن الترمذي ج ٥ ح ٣٧١٥ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ج ٥ ح ٨٤١٦. وقد تقدم.
(١٩٦) الإستيعاب ٣ / ٣٥.
(١٩٧) كنز العمال ج ٥ ح ١٤٢٤٣.
(١٩٨) زافر ، عن رجل ، عن الحارث بن محمد ، عن أبي الطفيل.