من أكثر كلماته المشهورة وضوحا ودلالة وتفصيلا :
(أما والله لقد تقمصها فلان ، وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ، ينحدر عني السيل ، ولا يرقى إلي الطير ..
فسدلت دونها ثوبا ، وطويت عنها كشحا ، وطفقت أرتأي بين : أن أصول بيد جذاء ، أو أصبر على طخية عمياء! ... فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا!
حتى مضى الأول لسبيله ، فأدلى بها إلى فلان بعده ..
فيا عجبا! بينا هو يستقيلها (٢٠٦) في حياته ، إذ عقدها لآخر بعد وفاته!!
لشدما تشطرا ضرعيها! ..
فصبرت على طول المدة ، وشدة المحنة .. حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أني أحدهم! فيا لله وللشورى! متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر؟! ...) (٢٠٧).
إذن أبو بكر أيضا كان يعلم أن محل علي من الخلافة محل القطب من الرحى!
__________________
كثيرا من هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخي إمام البغداديين من المعتزلة [مولده سنة ٢٧٩ ه ووفاته سنة ٣١٧ ، علما أن الشريف الرضي ولد سنة ٣٦٠ ه]. شرح نهج البلاغة ١ / ٦٩.
ونقلها سبط ابن الجوزي من مصادر غير التي اعتمدها الشريف الرضي ، فقال : خطبة أخرى وتعرف بالشقشقية ، ذكر بعضها صاحب (نهج البلاغة) وأخل بالبعض ، وقد أتيت بها مستوفاة ، أخبرنا بها شيخنا أبو القاسم النفيس الأنباري بإسناده عن ابن عباس .. تذكرة الخواص : ١٢٤.
وأسندها الراوندي (٥٧٣ ه) في شرحه إلى الحافظ ابن مردويه ، عن الطبراني ، بإسناده إلى ابن عباس. منهاج البراعة ١ / ١٣١ ـ ١٣٢.
(٢٠٦) إشارة إلى قول أبي بكر : أقيلوني ، أقيلوني.
(٢٠٧) نهج البلاغة : الخطبة ٣.