تمهيد
إعلم أن السيوطي عمل رسالته المذكورة في رد كلام الشيخ شمس الدين الجوجري ، الذي ادعى أن الآية وإن نزلت في أبي بكر فإنها عامة المعنى ، إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فلذلك أخذ في النيل منه والحط عليه بما لا ينبغي سطره هنا!
وقد ذكر في الوجه الثالث من الوجوه الثلاثة الجدلية : أنه ما كان يليق بالجوجري في مثل هذه الواقعة (٥) أن يفتي بأن الآية ليست خاصة بأبي بكر ولا دالة على أفضليته ، فيؤيد مقالة الرافضي ويثبته على معتقده ، ويدحض حجة قررها أئمة ، كل فرد منهم أعلم بالتفسير والكلام وأصول الفقه من مائة ألف من مثل الجوجري!
ثم ازداد في تعنته وشططه إيغالا فقال : والله لو كان هذا القول في الآية هو المرجوح ، لكان اللائق في مثل هذه الواقعة أن يفتي به ، فكيف وهو الراجح؟! انتهى.
نسأل الله العافية والسلامة من الخذلان.
فانظر إلى قلة إنصاف الرجل في محاجته مع خصومه (٦) واعجب!
__________________
(٥) وهي التي ذكرها في مقدمة رسالته بقوله : إن الأمير أزدمر حاجب الحجاب والأمير خاير بك وقع بينهما تنازع في أبي بكر ، هل هو أفضل الصحابة؟ وإن خاير بك قائل بذلك ، وإن أزدمر ينكر ذلك ، وإنه طالب خاير بك بدليل من القرآن على أن أبا بكر أفضل ، وإن خاير بك استدل عليه بقوله تعالى : (وسيجنبها الأتقى) فإنها نزلت في حق أبي بكر ، وقد قال الله تعالى : (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) إلى آخره!
(٦) لا يخفى أن مما دعا السيوطي إلى التشنيع على الجوجري أنه كان من أصحاب الحافظ السخاوي ، الذي جرت بينه وبين السيوطي من فظائع الأقوال وشنائع