ذلك الباحث المنقب المتبحر الذي أنجز أربعة وثلاثين كتابا ، تأليفا وتحقيقا ، وبعضها في مجلدات ، مع عشرات البحوث والمقالات مع الحواشي الكثيرة على أمهات موسوعاتنا الرجالية والحديثية ، والذي طبق صيته الآفاق ، عالما بنفائس المخطوطات الإسلامية في مكتبات الشرق والغرب ، والذي قصده المحققون والباحثون على الدوام ، صغارا وكبارا.
ذلك الأب المهيب قد رحل عن مثل ثروة العاملين الزاهدين ، لقد خلف ثروة الأغنياء بحق ، فخلف التراث الخالد ما بقي الإنسان يحيا على هذه الأرض ..
لكنه لم يترك ثروة المتورمين ، أموالا وعقارات وأسواقا وعمارات! لم يخلف تراثا فانيا يتنازعه بعده الوارثون ، بل خلف تراثا باقيا به سيفخرون ما عاشوا وما عاشت ذرياتهم ، وعسى أن يكونوا أهلا لإحيائه ، ولقد أبدوا حتى الآن في سبيل ذلك أحسن الجهد وأطيبه منذ رحيله وحتى يومهم هذا ، فكشفوا بين آثاره من كنوز مفرقة على الأوراق أو في حواشي الكتب وبطون أغلفتها.
فأصبحت هذه الآثار اليوم مزار المشتاقين والعارفين والباحثين ، ومقصد المكتبات الكبرى لتنقل بالتصوير جميع تعليقاته على ما في مكتبته الغنية من الكتب الكثيرة ، لتكون في متناول زوار المكتبات ومراجعيها ، وهذا ـ بلا ريب ـ من صلب طموحه رحمهالله ، ويناسب قيمة جهده العلمي الدقيق.
أما مؤسسة آل البيت عليهمالسلام : لإحياء التراث ، والتي عنها تصدر (تراثنا) فقد بادرت بطباعة ونشر اثنين من أعماله النفيسة قبل انقضاء أربعين يوما على رحيله ، وهما : (ترجمة الإمام الحسن عليهالسلام من القسم غير