وشَنِئَ به ، أى أَقَرَّ. قال الفرزدق (١) :
فلو كان هذا الأمر فى جاهليةٍ |
|
شَنِئْتَ به أو غَصَّ بالماء شَارِبُهْ |
والشَّنُوءَةُ على فَعُولَةٍ : التقَزُّزُ وهو التباعد من الأدناسِ. تقول : رجل فيه شَنُوءَةٌ ، ومنه أَزْدُ شَنُوءَةَ وهم : حَىٌّ من اليمن يُنْسَبُ إليهم شنئيٌ (٢).
قال ابن السكيت : ربما قالوا : أَزْدُ شَنُوَّةَ بالتشديد غير مهموز ، ويُنْسَبُ إليها شَنَوِيٌ. وقال :
نحن قريش وهُمُ شَنُوَّهْ |
|
بنا قُرَيْشاً خُتِمَ النُّبُوَّهْ |
شيأ
الشَّيءُ تصغيره شُيَيْءٌ وشِيَئٌ أيضاً بكسر الشين وضمِّها (٣) ، ولا تقل شُوَيْءٌ ، والجمع أشياءُ غيرُ مصروفٍ. قال الخليل : إنما تُرِكَ صَرْفُهُ لأنَّ أصله فعلاء ، جُمِعَ على غير واحِدِهِ ، كما أنَّ الشعراء جُمِعَ على غير واحِدِهِ ، لأن الفاعل لا يُجْمَعُ على فُعَلَاءَ ، ثم استثقلوا الهمزتين فى آخره فقلبوا (٤) الأولى إلى أول الكلمة فقالوا : أشياء كما قالوا : عُقَابٌ بَعَنْقَاةٍ وأَيْنُقٌ وقِسِىٌّ ، فصار تقديره لَفْعَاءُ ، يَدُلُّ على صحة ذلك أنه لا يُصْرَفُ وأنه يُصَغَّرُ على أُشَيَّاءَ ، وأنه يُجْمَعُ على أَشَاوَى. وأصله أَشَأئىُّ قُلِبَتِ الهمزة ياءً فاجتمعت ثلاث يا آتٍ فَحُذِفَتِ الوُسْطَى ، وقُلِبَتِ الأخيرة ألِفاً فأُبْدِلَتْ من الأولى واواً ، كما قالوا : أتيتُهُ أَتْوَةً.
وحكى الأصمعى : أنه سمع رجُلاً من أفصح العرب يقول لِخَلَفٍ الأحمرِ : إنَّ عندك لَأَشَاوِي مثال الصحارِى ويُجْمَعُ أيضاً على أشَايَا وأَشْيَاوَاتٍ.
وقال الأخفش هو أَفْعِلَاءُ ، فلهذا لم يُصْرَفْ لأنَّ أصله أَشْيِئَاءُ حُذِفَتِ الهمزةُ التى بين الياءِ والألفِ للتخفيف. قال له المازنى : كيف تُصَغِّرُ العرب أشياءَ؟ فقال : أُشَيَّاءُ. قال له : تركْتَ قولك ، لأن كلَّ جَمْعٍ كُسِّرَ على غير واحِدِهِ وهو من أبنية الجمع فإنه يردُّ فى التصغير إلى واحده كما قالوا : شُوَيْعِرُونَ فى تصغير الشعراء ، وفيما لا يَعْقِلُ بالألف والتاء ؛ فكان يجب أن يقال شُيَيْئَاتُ ، وهذا القول لا يَلْزَمُ الخَلِيلَ لأن فعلاء ليس من أبنية الجمع. وقال الكسائى : أشياءُ أفعالٌ مثل : فَرْخٍ وأفراخٍ ، وإنما تركوا صَرْفَهَا لكثرة استعمالهم لها لأنها شُبِّهَتْ بفَعْلَاءَ ، وهذا القول يدخل عليه ألا يصرف أبناء وأسماء ، وقال الفراء : أصل شَيْءٍ شيِّئٌ مثال شَيِّعٍ فجُمِعَ على أفعِلَاءَ ، مثل : هَيِّنٍ وأَهْيِناءَ ، ولَيِّنٍ وأَلْيِنَاءَ ، ثم خُفِّفَ فقيل : شَيْءٌ ، كما قالوا : هَيْنٌ ولَيْنٌ. وقالوا : أشياء فحذفوا الهمزة الأولى. وهذا القول يدخل عليه ألا يُجْمَع على أشاوَى.
والمشيئة : الإرادة ، وقد شئتُ الشَّيءَ أَشَاؤُهُ.
__________________
(١) فى ديوانه :
فلوكان هذا الدين في جاهلية |
|
عرفت من الولى القليل حلائبه |
ولو كان هذا الأمر في غير ملككم |
|
لأبديته أو غص بالماء شاربه |
(٢) فى المطبوعة : شنائى. وما نقلناه هو الصحيح ، وهو من مخطوطة المدينة.
(٣) كلمة : «وضمها» ليست فى المطبوعة ، وهى من مخطوطة المدينة.
(٤) فى المطبوعة «نقلوا» والصحيح ما وضعناه ، وهو منقول من نسختى دار الكتب والمدينة.