شبه ربنا الجليل بتباين أعضاء خلقه ، وبتلاحم أحقاق (١) مفاصله المحتجبة بتدبير حكمته ، انه لم يعقد غيب ضميره على معرفته ، ولم يشاهد قلبه اليقين بأنه لا ند له ، وكأنه لم يسمع بتبرى التابعين من المتبوعين وهم يقولون : (تَاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) فمن ساوى ربنا بشيء فقد عدل به ، والعادل به كافر بما تنزلت به محكمات آياته ونطقت به شواهد حجج بيناته ، لأنه الله الذي لم يتناه في العقول فيكون في مهب فكرها مكيفا ، وفي حواصل هويات همم النفوس محدودا مصرفا ، المنشئ أصناف الأشياء بلا روية احتاج إليها ، ولا قريحة غريزة أضمر عليها ، ولا تجربة أفادها من موجودات الدهور ، ولا شريك أعانه على ابتداع عجائب الأمور.
٥٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي اسامة عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليهماالسلام انهما قال : والله لنشفعن في المذنبين من شيعتنا حتى يقول أعداؤنا إذا رأوا ذلك : (فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ).
٦٠ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن علي بن عقبة عن عمر بن أبان عن عبد الحميد الوابشي عن أبي جعفرعليهالسلام قال في حديث طويل : وان الشفاعة لمقبولة وما تقبل في ناصب ، وان المؤمن ليشفع لجاره وماله حسنة ، فيقول : يا رب جاري كان يكف عنى الأذى فيشفع فيه ، فيقول الله تبارك وتعالى : انا ربك وانا أحق من كافي عنك فيدخله الله الجنة وما له من حسنة ، وان ادنى المؤمنين شفاعة ليشفع لثلاثين إنسانا ، فعند ذلك يقول أهل النار : (فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ).
٦١ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدسسره باسناده الى الحسن بن صالح بن حي قال : سمعت جعفر بن محمد يقول : لقد عظمت منزلة الصديق حتى أهل النار ليستغيثون به ويدعون به في النار قبل القريب الحميم قال الله مخبرا عنهم : (فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ).
__________________
(١) الاحقاق جمع الحق ـ بالضم ـ : النقرة في رأس الكنف.