فالأوَّل القِمَعُ معروف ، يقال قِمَعٌ وقِمْع. وفى الحديث : «وَيلٌ لأَقْمَاع القول». وهم الذين يَسمَعون ولا يَعُون ، فكأنَّ آذانَهم كالأَقْمَاع التى لا يَبْقَى فيها شىء. ويقولون : اقتمَعْتُ ما فى السِّقاء ، إذا شربتَه كلَّه ، ومعناه أنك صِرْت (١) له كالقِمَع.
والأصل الآخَر ، وقد يمكنُ أنْ يُجمَعَ بينه وبين الأوَّل بمعنًى لطيف ، وذلك قولهُم : قَمعْتُه : أذلَلْتُه. ومنه قَمَعْتُه ، إذا ضربته بالمِقْمَع. قال الله تعالى : (وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ). وسمِّى قَمَعَة بن الياس لأنَّ أباه أمره بأمرٍ فانقمع فى بيته ، فسمِّى قَمَعة. والقياس فى هذا والأوَّلِ متقارِب ؛ لأنَّ فيه الوُلوجَ فى بيته وكذلك الماءُ يَنْقَمِع فى القِمَع.
والأصل الآخَر القَمَع : الذُّباب الأَزرق العظيم. يقال : تركناه يتَقمَّع الذِّبَّانَ من الفَرَاغ ، أى يذُبُّها كما يتقمَّع الحِمار. وتُسمَّى تلك الذِّبَّانُ : القَمَعُ. قال أوس :
ألم تر أنَّ اللهَ أنزلَ نَصرَه |
|
وعُفْرُ الظِّباء فى الكِناسِ تَقَمَّعُ (٢) |
ويقال : أقْمَعتُ الرّجل عنِّى ، إذا رددتَه عنك. وهو من هذا ، كأنَّه طرَدَه. ومما حُمِل على التَّشبيه بهذا ، القَمَعُ : ما فوق السَّناسِن من سَنام البعيرِ من أعلاه. ومنه القَمَع : غِلَظٌ فى إحدى رُكبَتىِ الفَرَس. والقَمَع : بَثْرَةٌ تكون فى المُوق من زيادةِ اللَّحم.
__________________
(١) فى الأصل : «صوت».
(٢) كذا وصواب الرواية : «أرسل مزنة» ، كما فى المجمل واللسان وإصلاح المنطق ٤٩ والمخصص (٨ : ١٨٣). وأما رواية المقاييس فهى فى بيت آخر لرجل إسلامى أنشده ياقوت فى رسم القادسية ، وهو :
ألم تر أن الله أنزل نصره |
|
وسعد بباب القادسية معصم |