وأخرج ابن أبي حاتم عن السّدّي عن أبي مالك قال : كانت اليهود تقول أحبارهم للذين من دونهم : لا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم فأنزل الله : (قُلْ : إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ).
المناسبة :
ذكر الله تعالى سابقا موقفا لأهل الكتاب وهو الإعراض عن الحق ، وذكر هنا موقفا آخر وهو شدّة حرصهم على إضلال المؤمنين.
التفسير والبيان :
أحبّت طائفة من الأحبار والرؤساء إيقاع الضلال بين المسلمين ، بزرع الشّبهات ومحاولة كسب بعض المسلمين بإدخالهم في دينهم ، ولكنهم خائبون ، فهم لا يضلون إلا أنفسهم وما يعود وبال الإضلال إلا عليهم ، إذ شغلوها بما لا يجدي ، بل بما يضرّ ، ويوقعهم في الإثم والمعصية ، وما يشعرون بذلك وما يفطنون إلى سوء حالهم ، وفي هذا نهاية الذّم والاحتقار لهم. والآية نظير قوله تعالى : (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً ..) [البقرة ٢ / ١٠٩].
يا أهل الكتاب (اليهود والنصارى) : لأي سبب تكفرون بالآيات الدّالة على صدق نبوّة محمد صلىاللهعليهوسلم ، وأنتم تشهدون بصحّتها ، بما جاء في كتبكم من نعته والبشارة به.
يا أهل الكتاب لم تخلطون الحقّ الذي جاء به الأنبياء بالباطل الكذب الذي لفّقه أحباركم ورؤساؤكم بتأويلاتهم الفاسدة ، وبإلقاء الشّبه ، والتّحريف والتّبديل ، وأنتم تكتمون شأن محمدصلىاللهعليهوسلم ، وهو مكتوب عندكم في التّوراة والإنجيل وهو البشارة بنبيّ من بني إسماعيل يعلّم الناس الكتاب والحكمة ، وأنتم تعلمون أنكم مخطئون مبطلون ، وتفعلون ذلك حسدا وعنادا.