إلى الإيمان آمن بما أنزله على عبده ورسوله محمد صلىاللهعليهوسلم من الآيات البيّنات والدّلائل القاطعات والحجج الواضحات ، ولا يؤثر كيدكم وخبثكم وحيلكم وكتمكم شيئا ، فسواء أظهرتم الحق ، أم كتمتم أيها اليهود ما عندكم من صفة محمد النّبي الأميّ في كتبكم ، فلن يغيّر ذلك شيئا من نعمة الهداية الإلهية على أحد من الناس.
ثم ردّ الله على اليهود ردّا قاطعا لزعمهم أنّ النّبوة لا تكون إلّا فيهم فقال : إن الأمور كلها ومنها أمر النّبوة تحت تصرفه ، وليس إليكم ، وإنما بيد الله وحده ، فهو المعطي المانع ، يمنّ على من يشاء بالإيمان والعلم ، ويضلّ من يشاء فيعمي بصيرته وبصره ويختم على قلبه وسمعه ، وهو صاحب الفضل المطلق ، والخير كله بيده ، يؤتيه من يشاء من عباده ، يختصّ برحمته أي بالنّبوة من شاء ، ويختصّ المؤمنين بالفضل بما لا يحدّ ولا يوصف ، وفضله واسع عظيم ، ورحمته وسعت كل شيء ، فلا حدّ لها ، ولا حصر لآثارها ، ولا قصر للنّبوة على بني إسرائيل على حدّ زعمهم ، ولا لنسب أو شرف معين.
فقه الحياة أو الأحكام :
يحسد اليهود المؤمنين ويبغون إضلالهم ، ولكن وبال ذلك إنما يعود على أنفسهم ، وهم لا يشعرون. وهكذا يحلم الكفار قديما وحديثا بردّ المسلمين عن دينهم ، إلى دين اليهودية أو النصرانية ، أو أن يصبحوا من غير دين ، ولكنهم خابوا وخسروا ، وأثبتوا أنهم ضعاف العقول ، سفهاء الأحلام ؛ فإن العقيدة الإسلامية في قلب المسلم أثبت من رواسخ الجبال ، وهم لا يعلمون بصحّة الإسلام ، وواجب عليهم أن يعلموا ؛ لأن البراهين ظاهرة والحجج باهرة على وحدانية الله ، وعلى صحّة الشريعة ونضارتها وأصالتها ووفائها بالحاجات وسمّوها وتفضيلها على كلّ شرائع العالم قاطبة ؛ لأنها شرع الله ودينه.
ومن المستنكر عقلا وعادة أن يخلط أهل الكتاب الحقّ بالباطل ، أو يكتموا