ثم ختم الله تعالى هذه الوصايا ببيان أن هذا هو منهج الحق وطريق الاستقامة ، فقال: (وَأَنَّ هذا صِراطِي ...) أي ولأن هذا هو الطريق المستقيم ، فاتبعوه ولا تتبعوا الطرق المختلفة ذات المذاهب والأهواء والبدع والضلالات ، فيؤدي بكم إلى التفرق والاختلاف ، والانحراف عن دين الله الحق ، ومنهجه الأمثل. قال ابن عباس في قوله : (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) : أمر الله المؤمنين بالجماعة ، ونهاهم عن الاختلاف والتفرقة ، وأخبرهم أنه إنما هلك من كان قبلكم بالمراء والخصومات في دين الله.
وأوضح النّبي صلىاللهعليهوسلم الصراط المستقيم ، روى الإمام أحمد ، والنسائي وأبو الشيخ ابن حيان والحاكم عن عبد الله بن مسعود قال : خط رسول الله صلىاللهعليهوسلم خطأ بيده ، ثم قال : «هذا سبيل الله مستقيما» وخط عن يمينه وشماله ، ثم قال : «هذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه» ثم قرأ : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ ، وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ ، فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ).
وروى أحمد والترمذي والنسائي عن النّواس بن سمعان عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ضرب الله مثلا : صراطا مستقيما ، وعن جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتّحة ، وعلى الأبواب ستور مرخاة ، وعلى باب الصراط داع يقول : يا أيها الناس ، هلّم ادخلوا الصراط المستقيم جميعا ولا تفرقوا ، وداع يدعو من فوق الصراط ، فإذا أراد إنسان أن يفتح شيئا من تلك الأبواب قال : ويحك ، لا تفتحه ، فإنك إن فتحته تلجه. فالصراط : الإسلام ، والسوران : حدود الله ، والأبواب المفتحة محارم الله ، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله ، والداعي من فوق الصراط : واعظ الله في قلب كل مسلم».