[الشورى ٤٢ / ١٣] والقدر المشترك من الدين الذي أوصى به جميع الرسل : هو التوحيد ، ومكارم الأخلاق ، والبعد عن الفواحش والمنكرات.
(تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) أي آتينا موسى الكتاب تماما للكرامة والنعمة على الذي أحسن في اتباعه والاهتداء به ، كما قال تعالى : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) [الأنبياء ٢١ / ٧٣].
ويجوز أن يكون المعنى : وآتينا موسى الكتاب تماما أي تاما كاملا جامعا لكل ما يحتاجه الناس من التشريع ، وعلى أحسن ما تكون عليه الكتب ، أي على الوجه والطريق الذي هو أحسن. لكن يضعف هذا المعنى ما يأتى بعده وهو : (وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) أي وآتيناه الكتاب الذي أنزلناه إليه تماما كاملا جامعا لما يحتاج إليه في شريعته ، كقوله تعالى عن موسى : (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) [الأعراف ٧ / ١٤٥].
(وَهُدىً وَرَحْمَةً) أي وهو كتاب هداية إلى الحق ، وسبب رحمة لمن اهتدى به واتبعه ، وقال الرازي : معنى (رَحْمَةً) : أنه نعمة في الدين.
(لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ) أي آتيناه الكتاب بمشتملاته المذكورة ، لكي يؤمن قومه بلقاء ربهم ، أي لقاء ما وعدهم الله به من ثواب وعقاب ، وإذا آمنوا بذلك آمنوا بالله وحده لا شريك له.
ثم انتقل إلى وصف القرآن الكريم فقال : (وَهذا كِتابٌ ...) أي وهذا القرآن كتاب عظيم الشأن ، كثير الخير والنفع في الدين والدنيا ، ثابت لا ينسخ ، جامع لأسباب الهداية الدائمة والنجاة والفلاح ، فاتبعوا ما هداكم إليه ، واتقوا النار والكفر بما نهاكم عنه ومنعكموه ، لتظفروا برحمة الله الواسعة في الدنيا والآخرة.
وفي هذا دعوة صريحة إلى اتباع القرآن ، من طريق التدبر بآياته. والعمل به.