وهذا التفاوت مرده إلى الله تعالى ، وإلى اقتران العمل بما يرفعه عند الله ، كالإخلاص في النية ، واحتساب الأجر عند الله ، وإخفاء الفعل الطيب ، وإبداؤه أحيانا للاقتداء به ، وتحري منفعة الأمة. ومن ارتكب سيئة أو اقترف ذنبا ، فله عقوبة سيئة مماثلة لها.
(وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) أي كل من المحسن والمسيء لا ينقص من عمله شيء ، فلا ينقص من ثواب المحسنين ، ولا يزاد على عقاب المسيئين.
وجاء الحديث النبوي موضحا معيار التفاضل في الحسنات ، وطريق الجزاء على السيئات ، روى أحمد والبخاري ومسلم والنسائي عن ابن عباس رضياللهعنهما أن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم قال فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى : «إن ربكم عزوجل رحيم ، من همّ بحسنة فلم يعملها ، كتبت له حسنة ، فإن عملها كتبت له عشرا إلى سبعمائة إلى أضعاف كثيرة. ومن همّ بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة ، فإن عملها ، كتبت له واحدة ، أو يمحوها الله عزوجل ، ولا يهلك على الله إلا هالك» والكتابة تكون بواسطة الملائكة ، بأمر الله لهم.
فقه الحياة أو الأحكام :
هذا التفاوت بين جزاء الحسنة وجزاء السيئة بفضل من الله ورحمة منه ؛ لأن الثواب ـ في رأي أهل السنة ـ تفضل من الله تعالى في الحقيقة ، فمن فعل حسنة طيبة ، كان له من الجزاء عشرة أضعاف مما يجب له. وتجوز المضاعفة إلى سبعمائة ضعف وإلى أضعاف كثيرة ، حسبما تقتضي الإرادة والمشيئة والحكمة الإلهية ، وبقدر ما يقترن به العمل الصالح من قصد حسن وإخلاص لله تعالى.
ومن اقترف فعلة سيئة ، لم يكن له من الجزاء إلا ما يساويها ويوازيها. روى أبو ذر أن النّبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إن الله تعالى قال : الحسنة عشر أو أزيد ، والسيئة واحدة أو عفو ، فالويل لمن غلب آحاده أعشاره» وقال صلىاللهعليهوسلم في الحديث المتقدم : «يقول الله :