ثم يكون الجزاء على العمل ، فقد يكون الإنسان مقصرا فيما كلف به ، أو قائما به ، فيأتي الجزاء تابعا للأعمال. ونظير الآية كثير في القرآن مثل : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ ، وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ) [محمد ٤٧ / ٣١].
وجاء في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضياللهعنه قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «إن الدنيا حلوة خضرة ، وإن الله مستخلفكم فيها ، فينظر كيف تعملون ، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء».
وأمام الناس بعد هذا الابتلاء إما العقاب وإما الثواب : (إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ ، وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) وفيه ترهيب وترغيب ، فإن حساب الله وعقابه سريع فيمن عصاه وخالف رسله ، وهو أيضا شديد العذاب ، لا يهمل وإن أمهل. ووصف العقاب بالسرعة ؛ لأن كل ما هو آت قريب ، والعقاب إما في الدنيا بإلحاق الضرر في النفس أو العقل أو العرض أو المال ، وإما في الآخرة بعذاب جهنم ، وقد يكون الأمران معا.
وهو تعالى غفور للتائبين رحيم بالمحسنين المؤمنين الذين اتبعوا الرسل فيما جاؤوا به من تكاليف ؛ إذ رحمته سبقت غضبه ، ووسعت كل شيء ، فجعل الحسنة بعشر أمثالها ، وقد يضاعفها أضعافا كثيرة لمن يشاء ، والسيئة بسيئة مثلها ، وقد يغفرها لمن تاب منها ، ويسترها في الدنيا فضلا وكرما وحلما.
قال ابن كثير : وكثيرا ما يقرن الله تعالى في القرآن بين هاتين الصفتين : المغفرة والعذاب ، كقوله : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ) [الرعد ١٣ / ٦] وقوله : (نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ، وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ) [الحجر ١٥ / ٤٩ ـ ٥٠] إلى غير ذلك من