(مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ حَيْثُ) مبنية على الضم ، لوجهين : إما لأنها مقطوعة عن الإضافة إلى المفرد ؛ لأنها لا تضاف إلا إلى الجمل ، فنزلت منزلة بعض الكلمة ، وبعض الكلمة مبني. وإما لأنها أشبهت الحرف ، والحرف مبني ، فكذلك ما أشبهه.
البلاغة :
(قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً) مجاز مرسل ، أي أنزلنا مطرا ينبت القطن والكتان ، ويقيم البهائم ذات الأصواف والأوبار والأشعار.
(وَلِباسُ التَّقْوى) تشبيه بليغ ، من إضافة المشبه به إلى المشبه ، كما أضيف إلى الجوع في قوله : (فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ).
(لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) فيه التفات عن الخطاب إلى الغيبة.
المفردات اللغوية :
(قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً) أي خلقناه لكم ، واللباس : كل ما يلبس في السلم والحرب (يُوارِي سَوْآتِكُمْ) يستر عوراتكم (وَرِيشاً) الريش هنا والرياش : ما يتجمل به من الثياب فهو لباس الحاجة والزينة ، وأكثر أهل اللغة : أن الريش : ما ستر من لباس أو معيشة. (وَلِباسُ التَّقْوى) أي لباس الورع والخشية من الله تعالى ، بالعمل الصالح والسمت الحسن. (ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ) دلائل قدرته (لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) أي يتذكرون فيؤمنوا.
(لا يَفْتِنَنَّكُمُ) لا يضلنكم ، وأصل الفتنة : الابتلاء والاختبار ، والمعنى : لا تتبعوا الشيطان فتفتنوا (وَقَبِيلُهُ) جنوده وجماعته ، والقبيل كالقبيلة. (مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ) للطافة أجسادهم أو عدم ألوانهم (إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ) أعوانا وقرناء.
المناسبة :
بعد أن أمر الله تعالى آدم وحواء بالهبوط إلى الأرض ، وجعل الأرض مستقرا لهما ، أبان أنه تعالى أنزل كل ما يحتاجون إليه في شؤون الدين والدنيا ، ومن جملتها اللباس الذي يحتاج إليه في الدين والدنيا. وذلك يقتضي شكر الله على نعمه العظيمة وعبادته بحق.