التفسير والبيان :
يمتن الله تعالى على عباده بما جعل لهم من اللباس والريش ، فاللباس ستر العورات ، والريش : ما يتجمل به ، والأول من الضرورات ، والثاني من التكملات والتحسينات.
يا بني آدم ، اذكروا نعمة الله عليكم وعلى أبيكم آدم من قبل ، بما وفرته لكم من حوائج الدين والدنيا كاللباس والرياش ، لستر العورات ، والاستمتاع بالزينة والجمال ، واتقاء الحر والبر. ومعنى إنزاله من السماء : خلقه وإنتاج مادته من القطن والصوف والوبر والحرير وريش الطير وغيرها مما اقتضته الحاجة ، ثم تعلم صنعته وخياطته بإلهام من الله. وهذا الامتنان بنعمة اللباس والزينة دليل على الإباحة ، وهو مطابق لفطرة الإنسان بحب الزينة والتظاهر أمام الناس.
ويسن الحمد والشكر عند ارتداء الثوب الجديد ، لما رواه أحمد والترمذي وابن ماجه عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من استجد ثوبا ، فلبسه ، فقال حين يبلغ ترقوته : الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي ، وأتجمل به في حياتي ، ثم عمد إلى الثوب الخلق فتصدق به ، كان في ذمة الله ، وفي جوار الله ، وفي كنف الله ، حيا وميتا». وروى الإمام أحمد أيضا عن علي قال : معت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول عند الكسوة : «الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمل به في الناس ، وأواري به عورتي».
ثم فضل الله تعالى على اللباس المادي أو الحسي لباس التقوى المعنوي فقال : (وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ) وهو كما قال ابن عباس : الإيمان والعمل الصالح ، وقيل : هو السمت الحسن ، فهذا لا شك خير لصاحبه إذا أخذ به ، وأقرب له إلى الله تعالى ، مما خلق من اللباس والرياش الذي يتجمل به.
(ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ) معناه : ذلك المذكور وهو إنزال اللباس عليهم من