شرعا ، أخرج ابن ماجه في سننه عن أنس بن مالك عن النّبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من السرف أن تأكل كل ما اشتهيت».
وأكد تعالى سنته وشريعته القائمة على الاعتدال ، فرد على من حرم شيئا من المآكل أو المشارب أو الملابس من تلقاء نفسه من غير شرع من الله ، فقال : (قُلْ : مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ ...)؟
أنكر الله تعالى على أولئك الذين حرموا المباحات ، وأمر نبيه أن يقول مستفهما استفهام إنكار من هؤلاء المشركين الذين يحرمون ما يحرمون بآرائهم الفاسدة وابتداعهم : من حرم الزينة والطيبات من الرزق التي خلق الله موادها لعباده ، وعلّمهم بما ألهمهم وأودع في فطرهم كيفية صنعها والانتفاع بها ، فهي مستحقّة مخلوقة لمن آمن بالله وعبده في الحياة الدنيا ، وغيرهم تبع لهم ، فإن أشركهم فيها الكفار فعلا في الدنيا ، فهي للمؤمنين خاصة يوم القيامة ، لا يشركهم فيها أحد من الكفار ؛ فإن الجنة محرمة على الكافرين.
ومثل هذا التفصيل التام لحكم الزينة والطيبات ، نفصل الآيات الدالة على كمال الشرع والدين وصدق النبي وإتمام الشريعة لقوم يعلمون علوم الاجتماع والنفس والطب ومصالح البشر ، فيتدبرون ويتعظون ، لا لقوم يجهلون هذه العلوم والمعارف اللازمة لتقدم الإنسان والحضارة والمدينة والعمران ، فمعنى قوله : (كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ) أي كالذي فصلت لكم الحلال والحرام أفصّل لكم ما تحتاجون إليه.
وكل هذا دليل على أن الإسلام دين الكمال الروحي والعقيدة السليمة ، والسمو الخلقي ، وقوة الجسد والنفس للتغلب على مصاعب الحياة ، وتأدية رسالة الإنسان الذي جعله الله خليفة عنه في الأرض ، وسخر له كل ما في السموات والأرض فقال : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) [البقرة ٢ / ٢٩] وقال : (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) [لقمان ٣١ / ٢٠].