فقه الحياة أو الأحكام :
لم يترك الإسلام أو القرآن شيئا من شؤون الحياة المادية والمعنوية إلا أبانها وأوضح أحكامها ومقاصدها ، فلم يقتصر على وضع أنظمة التشريع للعلاقات الاجتماعية فحسب ، وإنما وضع أنظمة الحياة كلها ، مما يدل على أن القرآن شريعة الحياة.
ومن هذه الأنظمة وجوب ارتداء الملابس والثياب الحسنة وستر العورة ؛ لأنه مظهر حضاري رفيع ، ومنها إباحة المآكل والمشارب وطيبات الرزق من غير تقتير ولا إسراف ، ولا بخل ولا ترف. وهذا دليل على منهج الإسلام في التوسط بالأمور ؛ لأنه دين الوسطية.
ومن ألزم حالات الستر : أثناء الصلاة وعند تجمع الناس للطواف بالبيت الحرام وغيره.
وقد دلت آية (خُذُوا زِينَتَكُمْ) على وجوب ستر العورة. وذهب جمهور العلماء إلى أنه فرض من فروض الصلاة. بل هو ـ كما قال الأبهري ـ فرض في الجملة ، وعلى الإنسان ستر عورته عن أعين الناس في الصلاة وغيرها ، وهو الرأي الصحيح : لقوله صلىاللهعليهوسلم ـ فيما أخرجه مسلم ـ للمسور بن مخرمة : «ارجع إلى ثوبك ، فخذه ، ولا تمشوا عراة».
ودلّ قوله تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا) على إباحة الأكل والشرب ، ما لم يكن سرفا أو مخيلة ، أي كبر. قال الجصاص : ظاهر الآية يوجب الأكل والشرب من غير إسراف ، وقد أريد به الإباحة في بعض الأحوال ، والإيجاب في بعضها ، أما الإباحة ففي الحال التي لا يخاف الضرر بتركهما ، وأما الإيجاب ففي الحال التي يخاف لحوق الضرر بترك الأكل والشرب أو الضعف عن أداء الواجبات. وظاهر الآية يقتضي جواز أكل سائر المأكولات وشرب سائر