المناسبة :
بعد أن ندد الله تعالى بفساد عقائد المشركين ، ومنها إنكار القيامة والبعث والجزاء ، ذكر هنا أنواعا وصورا من جهالاتهم وأحكامهم المفتراة في تحليل وتحريم بعض الزروع والثمار والأنعام ، ووأد البنات.
التفسير والبيان :
هذه ألوان من شرائع الجاهلية العربية قبل الإسلام التي ابتدعها المشركون ، واخترعوها بأهوائهم وآرائهم الفاسدة ، وتأثرا بوساوس الشيطان.
النوع الأول :
(وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ ...) أي وجعلوا لله نصيبا مما خلق من الزرع والثمار والأنعام ، وخصصوا له جزءا وقسما من الغلة والثمرة والنتاج ، وجعلوا نصيبا آخر لشركاء لله المزعومين من الأوثان والأصنام.
وقالوا في النصيب الأول : (هذا لِلَّهِ) ، نتقرب به إليه ، وفي النصيب الثاني : (هذا لِشُرَكائِنا) أي لمعبوداتنا نتقرب به إليها.
وجعل الأوثان شركاءهم ؛ لأنهم جعلوا لها نصيبا من أموالهم ينفقونه عليها ، وأطاعوها طاعة إذعان وخضوع في التحليل والتحريم مما هو من خصائص الله تعالى. وقوله : (بِزَعْمِهِمْ) أي بتقولهم الذي لا بينة لهم عليه ولا هدى من الله ، فيزعمون أنهم يحرمونه قربة لله ، والقربة يجب أن تكون خالصة له وحده ، وبإذنه ؛ لأنه دين ، والدين لله ومن الله وحده.
ونصيب الله كانوا يجعلونه للضيوف وإكرام الصبيان والتصدق على المساكين ، ونصيب آلهتهم لسدنتها وخدمها ومصالحها.