وما عينوه لشركائهم لا يصرف منه شيء إلى الوجوه التي جعلوها لله ، بل يجعلونه للسدنة وخدمة الأصنام والأوثان وذبح القرابين.
وما جعلوه لله فقد يصرف للتقرب به إلى الأوثان.
(ساءَ ما يَحْكُمُونَ) أي بئس الحكم الذي يحكمون أو يقسمون ويصنعون ، بإيثارهم المخلوق العاجز على الخالق القادر على كل شيء ، فهي قسمة جائرة ؛ لأن الله تعالى هو رب كل شيء ومليكه وخالقه ، وحينما قسموا جاروا فلم يصرفوا له حقوقه ، أو جعلوا له الصنف الأضعف ، كما قال تعالى : (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ ، سُبْحانَهُ ، وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ) [النحل ١٦ / ٥٧] وقال تعالى : (وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً ، إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ) [الزخرف ٤٣ / ١٥] وقال عزوجل : (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى. تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى) [النجم ٥٣ / ٢١ ـ ٢٢].
إنهم بهذا الصنع القبيح اعتدوا على حق الله في التشريع ، وأشركوا به غيره وعبدوا معه إلها آخر ، وفضلوه ورجحوه عليه بجعل ما لله لشركائهم ، ولم يستندوا في حكمهم على سند صحيح من عقل أو هداية من شرع إلهي.
قال ابن عباس في تفسير هذه الآية : «إن أعداء الله كانوا إذا حرثوا حرثا ، أو كانت لهم ثمرة ، جعلوا لله منه جزءا ، وللوثن جزءا ، فما كان من حرث أو ثمرة أو شيء من نصيب الأوثان ، حفظوه وأحصوه ، وإن سقط منه شيء فيما سمي للصّمد ، ردوه إلى ما جعلوه للوثن ، وإن سبقهم الماء الذي جعلوه للوثن ، فسقى شيئا ، جعلوه لله ، جعلوا ذلك للوثن ، وإن سقط شيء من الحرث والثمرة الذي جعلوه لله ، فاختلط بالذي جعلوه للوثن ، قالوا : هذا فقير ، ولم يردوه إلى ما جعلوه لله ، وإن سبقهم الماء الذي جعلوه لله ، فسقى ما سمي للوثن ، تركوه للوثن.
وكانوا يحرّمون من أموالهم البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي ، فيجعلونه