واختياره لذلك بمقتضى الحكمة التامة ، قال أهل السنة : إنه يدل على أن كل ما فعله المشركون ، فهو بمشيئة الله تعالى.
وقالت المعتزلة : إنه محمول على مشيئة الإلجاء ، أي إن مشيئة الله تعالى أن يتركهم واختيارهم ، فيأخذوا بما يرونه دون جبر ولا قهر ، علما بأن الله قادر على أن يجعلهم مؤمنين ، بأن يخلقهم مطبوعين على الاستعداد للإيمان كالملائكة ، أو يخلق فيهم بواعث الإيمان ودواعيه ، فينقادوا لدعوة الإيمان عند ظهورها ، وبمجرد مجيء الرسول الذي يقنعهم بضرورة الإيمان ، والإقرار بوجود الله ووحدانيته.
فاتركهم أيها الرسول وما يدينون ، وما عليك إلا التبليغ.
النوع الثالث :
(وَقالُوا : هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ ...) أي إنهم لشركهم وجاهليتهم المشوهة قسموا أنعامهم وزروعهم ثلاثة أقسام :
١ ـ أنعام وأقوات ممنوعة الانتفاع على أحد ، ومخصصة لمعبوداتهم وأوثانهم ، ويقولون: هي حجر أي محتجرة للآلهة لا تعطى لغيرهم ، ويقولون : لا يطعمها إلا من نشاء أي لا يأكل منها إلا خدم الأوثان ، والرجال دون النساء. وذلك قول صادر عن زعمهم الخالي من الحجة والبرهان.
٢ ـ أنعام حرّمت ظهورها ، فلا تركب ولا يحمل عليها ، وهي البحائر والسوائب والحوامي ، التي تقدم ذكرها وتفسيرها في سورة المائدة : (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ ..) [١٠٣].
٣ ـ أنعام لا يذكرون اسم الله عليها عند الذبح ، وإنما يذكرون عليها أسماء الأصنام ، ولا ينتفعون بها حتى في الحج.