(أَخَذَ الْأَلْواحَ) التي ألقاها (وَفِي نُسْخَتِها) أي ما نسخ أو كتب فيها (هُدىً) بيان للحق من الضلالة (وَرَحْمَةٌ) بالإرشاد إلى الخير والصلاح. (لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) يخافون ، والرهبة : أشد الخوف.
المناسبة :
لما بيّن الله تعالى لنا ما كان من موسى حال الغضب ، وانقسام قومه قسمين : مصر على عبادة العجل ، وتائب إلى الله من ذلك ، بيّن في هذه الآية ما كان منه عند سكوت الغضب ، وسكون النفس وهدأة البال. وإذا كان موسى سريع الغضب حاد الطبع ، فهو أيضا سريع العودة إلى الحلم حينما يعود الحق إلى نصابه ، ويعدل الظالم عن ظلمه.
وهذا هو الفصل الرابع والأخير من قصة عبادة العجل.
التفسير والبيان :
ولما سكن غضب موسى على قومه ، وهدأت نفسه بتوبة أكثرهم ، أخذ الألواح التي كتبت فيها التوراة ، والتي كان ألقاها من شدة الغضب على عبادتهم العجل ، غيرة لله وغضبا له ، فوجد فيها هدى للحيارى ، ورحمة بالعصاة التائبين الذين يخافون من ربهم أشد الخوف على ما يصدر منهم من ذنوب ، ويخشون عذابه وحسابه. وقد ضمن الرهبة معنى الخضوع ، فعداها باللام.
ذكر ابن عباس : أنه لما تكسرت الألواح صام موسى أربعين يوما ، فردّت عليه ، وأعيدت له تلك الألواح في لوحين ، ولم يفقد منها شيئا. قال القشيري : فعلى هذا : (وَفِي نُسْخَتِها هُدىً) أي وفيما نسخ من الألواح المتكسرة ، ونقل إلى الألواح الجديدة هدى ورحمة. وقال عطاء : وفيما بقي منها. وذلك أنه لم يبق منها إلا سبعها ، وذهب ستة أسباعها. ولكن لم يذهب من الحدود والأحكام شيء.