رحمة ، فأنزل رحمة يتعاطف بها الخلق جنّها وإنسها وبهائمها ، وأخّر عنده تسعا وتسعين رحمة ، أتقولون : هو أضل أم بعيره».
وروى مسلم عن سلمان الفارسي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إن الله عزوجل مائة رحمة ، فمنها رحمة يتراحم بها الخلق ، وبها تعطف الوحوش على أولادها ، وأخر تسعة وتسعين إلى يوم القيامة».
ثم ذكر الله تعالى أوصافا ثلاثة لمن يستحق رحمته ، وهم المتقون ، المؤتون الزكاة ، المؤمنون بآيات الله تعالى.
قال بعض المفسرين : طمع في هذه الآية ـ أي (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) كل شيء حتى إبليس ، فقال : أنا شيء ؛ فقال الله تعالى : (فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) فقالت اليهود والنصارى : نحن متقون ؛ فقال الله تعالى : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَ) الآية. فخرجت الآية عن العموم.
وهذه الأوصاف الثلاثة التي خصصت بها الآية شملت كل ما يصدر عن الإنسان وهو التروك والأفعال ، أما التروك فهي الأشياء التي يجب على الإنسان تركها ، والاحتراز عنها والاتقاء منها ، وأما الأفعال فهي إما متوجهة على مال الإنسان أو على نفسه ، الأول ـ الزكاة ، والثاني ـ الإيمان ، وهو يدخل فيه ما يجب على الإنسان علما وعملا ، أما العلم فالمعرفة بالله ، وأما العمل فبالإقرار باللسان والعمل بالأركان ، ويدخل فيها الصلاة.
وأما صفات محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم المقررة في التوراة والإنجيل فهي :
١ ـ كونه رسولا نبيا أميا : والرسول أخص من النبي ، وقدم الرسول اهتماما بمعنى الرسالة ، وإلا فمعنى النبوة هو المتقدم ، وكل رسول نبي ، وليس كل نبي رسولا ؛ لأن الرسول والنبي قد اشتركا في أمر عام وهو النبأ ، وافترقا في أمر خاص وهي الرسالة.