أفعالهم ، ثم ذكر أنه فرقهم جماعات مشردين في الأرض ، وأن خلفهم جماعة ماديون تهمهم الدنيا فقط ، وأن أسلافهم قبلوا الأخذ بالتوراة بعد إنذارهم بإسقاط الجبل عليهم. وهذا كله للعبرة ، فكل أمة تفسق عن أمر الله وتخالف أحكام الدين مهددة بمثل هذا العقاب.
التفسير والبيان :
واذكر يا محمد حين أعلم ربك أسلاف اليهود على لسان أنبيائهم أنه قضى عليهم في علمه وأوجب على نفسه ، ليسلطنّ عليهم إلى يوم القيامة من يذيقهم العقاب الشديد ، ويلحق بهم الذل والصغار ، ويفرض عليهم الجزية ، ويبدد ملكهم ، ويفرق شملهم ، حتى يصبحوا أذلة مشردين.
(إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ) لمن عصاه وخالف شرعه ، وإنه لغفور لمن تاب إليه وأناب ، ورحيم بأهل الطاعة والإنابة.
وقد تحقق مدلول الآية ، فكان موسى عليهالسلام أول من فرض الخراج عليهم ، وألزمهم به ، ثم قهرهم اليونانيون والكشدانيون والكلدانيون والبابليون ، ثم الروم النصارى ، أخذوا منهم الجزية والخراج ، ثم المسلمون الذين أخذوا منهم الجزية والخراج ، ثم الألمان بقيادة هتلر في العصر الحديث ، الذي قتلهم وشردهم في البلاد.
والآية بمعنى قوله تعالى : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) إلى أن قال : (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا) [الإسراء ١٧ / ٤ ـ ٨] أي وإن عدتم إلى الإفساد بعد المرة الآخرة ، عدنا إلى التعذيب والإذلال.
وأما وجود اليهود في فلسطين الآن فهو أمر عارض مؤقت زائل بإذن الله ، لثقتنا بوعد الله وكلامه.