لا يغتر بالزمان ، وتكون الشدائد والمصائب صقلا له ، وتمحيصا لنفسه ، وتربية لها ، والكافر إذا مسه الشر يئس ، وإذا مسه الخير بطر واستكبر وبغى في الأرض ، فكانت عاقبته الدمار.
فقه الحياة أو الأحكام :
الحلم والإمهال من خصائص صنع الله وسنته الدائمة في خلقه ، لكي يتعظوا بالأحداث ويصححوا مسيرتهم في الحياة ، ويقلعوا عما هم عليه من معاص وموبقات. والابتلاء يكون بالشر وبالخير : (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ، وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ) [الأنبياء ٢١ / ٣٥] والعاقل المفكر المتدبر أحوال الماضي وتقلبات المستقبل هو الذي يستفيد من دروس الحياة : (وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الأعراف ٧ / ١٦٨].
ودل قوله تعالى : (لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ) في رأي المعتزلة : على أنه تعالى أراد من كل المكلفين الإيمان والطاعة. وقال أهل السنة : إن الله يدبر أهل القرى بما يكون إلى الإيمان أقرب ، لقوله تعالى : (ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ) لأن ورود النعمة في البدن والمال بعد البأساء والضراء ، يدعو إلى الانقياد والاشتغال بالشكر.
ولكن الناس لا يعتبرون ، فبالرغم من أنه تعالى أخذهم بالشدة والرخاء ، فلم يزدجروا ولم يشكروا ، وهذا يدل على أنهم لم ينتفعوا بما دبرهم الله عليه من رخاء بعد شدة ، وأمن بعد خوف ، بل رأوا أن هذه عادة الزمان في أهله ، فمرة يحصل فيهم الشدة والنكد ، ومرة يحصل لهم الرخاء والراحة.
أما الحق تعالى فقد أزال عذرهم وأمهلهم ، لكنهم لم ينقادوا ولم ينتفعوا بذلك الإمهال.