وحواء مخلوقة من نفس آدم : وخلق منها زوجها على معنى أنه تعالى خلقها من ضلع من أضلاع آدم ، وحكمة ذلك أن الجنس أميل إلى الجنس ، والجنسية علة الضم واللقاء والألفة بين الرجل والمرأة. واستشكل الرازي هذا الكلام ؛ فإن الله قادر على أن يخلق حواء خلقا مستقلا كما خلق آدم ابتداء ، فلما ذا يقال : إنه تعالى خلق حواء من جزء من أجزاء آدم؟ ثم رجح أن المراد من كلمة «من» في قوله : (وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها) خلق حواء من نوع آدم ومن جنسه في الإنسانية ، وجعل زوج آدم إنسانا مثله (١).
٢ ـ من رحمة الله تعالى بالأم أن جعل خلق الجنين واكتمال الحمل على مراحل متدرجة من الأخف إلى الأثقل ، كيلا تشعر بالثقل المفاجئ ، ولتظل قائمة بأعمالها المعتادة دون إرهاق.
٣ ـ يفهم من ظاهر قوله تعالى : (دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما) أن الحمل مرض من الأمراض ، ولأجل عظم الأمر جعل موتها شهادة ، كما ورد في حديث تعداد الشهداء الذي رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم : «الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله : المطعون شهيد ، والغريق شهيد ، وصاحب ذات الجنب شهيد ، والمبطون شهيد ، وصاحب الحريق شهيد ، والذي يموت تحت الهدم شهيد ، والمرأة تموت بجمع شهيدة» أي تموت وفي بطنها ولد. فيكون حال الحامل في رأي الإمام مالك حال المريض في أفعاله بعد مضي ستة أشهر من الحمل ، أي المريض مرض الموت ، وهو الذي لا تنفذ تبرعاته من هبة ومحاباة في بيع إلا في ثلث ماله. وقال الأئمة الثلاثة : إنما يكون ذلك في الحامل بحال الطّلق ، فأما قبل ذلك فلا ؛ لأن الحمل عادة ، والغالب فيه السلامة. ورد المالكية بقولهم : كذلك أكثر الأمراض غالبة السلامة ، وقد يموت من لم يمرض.
__________________
(١) تفسير الرازي : ١٥ / ٨٩.