معينة ، ومعجزات مخصوصة ، على سبيل التّعنّت ، كقوله تعالى حكاية عنهم : (وَقالُوا : لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً ، أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ ، فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً) الآيات [الإسراء ١٧ / ٩٠ ـ ٩١].
فإذا لم تأتهم بما طلبوا ، قالوا : هلا اختلقتها من عند نفسك ، جريا على اعتقادهم بأن القرآن من عند محمد : (وَقالُوا : ما هذا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرىً) [سبأ ٣٤ / ٤٣].
التفسير والبيان :
وإذا لم تأت أيها الرّسول أهل مكة بآية مما اقترحوا حدوثه ، أو بآية من القرآن ، قالوا : هلا اختلقتها وتقولتها من تلقاء نفسك ، لزعمهم أن القرآن من عند محمد ، وأنه متمكن من الإتيان بالآيات الكونية والمعجزات المخصوصة ، أو هلا طلبتها من الله الذي يلبي لك حاجتك. فقل لهم يا محمد : إنما أنا متّبع وحي ربّي فقط ، ولست بمفتعل أو مختلق للآيات ، أو لست بمقترح لها ، ولست قادرا على إيجاد الآيات. ونظير ذلك قوله تعالى : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ، قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا : ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ ، قُلْ : ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي ، إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) [يونس ١٠ / ١٥].
ثم نبههم الحق تعالى إلى ما يحقق الهدف ، وأرشدهم إلى أن هذا القرآن أعظم المعجزات ، وكأنه قال لهم : ما لكم تطلبون شيئا لا يفيدكم؟ وإنما لديكم هذا القرآن الذي يشتمل على مبصرات للقلوب ، وحجج بيّنات ، وبراهين نيّرات ، ودلائل واضحات من الله على صدقي ، وأنه من عند الله ، بها يبصر الحق ، ويدرك الصّواب ، ويعود المؤمنون بها بصراء بعد العمى ، أو هو بمنزلة بصائر القلوب ، كما قال تعالى في موضع آخر : (قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ ، فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ ، وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها) [الأنعام ٦ / ١٠٤].