ودليلهم حديثان : الأول ـ ما رواه مالك وأبو داود والنّسائي عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة ، فقال : هل قرأ أحد منكم آنفا؟ فقال رجل : نعم يا رسول الله ، فقال : «إني أقول ما لي أنازع القرآن؟!» فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما جهر فيه من الصّلوات بالقراءة ، حين سمعوا ذلك من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
والثاني ـ ما روى مسلم عن عمران بن حصين قال : صلّى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بنا صلاة الظهر أو العصر ، فقال : «وأيّكم قرأ خلفي بسبّح اسم ربك الأعلى؟» فقال رجل : أنا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «قد علمت أن بعضكم خالجنيها».
وروي عن عبادة بن الصّامت قال : صلّى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الصبح ، فثقلت عليه القراءة ، فلما انصرف ، قال : «إنّي لأراكم تقرؤون وراء إمامكم؟» ، قال : قلنا : يا رسول الله ، أي والله ، قال : «فلا تفعلوا إلا بأمّ القرآن».
لكن يلاحظ أن هذين الحديثين يدلان على مذهب الشّافعية ، لا على مذهبي المالكية والحنابلة.
٣ ـ الشّافعية : يقرأ المصلّي بفاتحة الكتاب مطلقا ، سواء كان إماما أو مأموما أو منفردا ، في صلاة جهريّة أو سريّة. واستدلّوا بالحديثين السّابقين كما لاحظنا ، وبقوله تعالى: (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) [المزمل ٧٣ / ٢٠] ، وبقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فيما رواه الجماعة : أحمد وأصحاب الكتب الستّة عن عبادة بن الصامت : «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب». وهذا ما اختاره البخاري والبيهقي.
ودلّت آية : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ ...) على أن رفع الصّوت بالذّكر ممنوع.
وأرشدت آية : (وَلَهُ يَسْجُدُونَ) على طلب السّجود ممن قرأ هذه الآية أو سمعها ، وقد شرع سجود التّلاوة إرغاما لمن أبى السّجود من المشركين ، واقتداء