وقد فعل الله ما فعل ، ووعد بما وعد ، وأنجز النصر للمؤمنين ، ليحق الحق ، أي يثبت الإسلام ويظهره ، ويبطل الباطل أي يمحق الكفر والشرك ويزيله ، (وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) ، أي المعتدون الطغاة. ولا يكون ذلك بمجرد الاستيلاء على العير ، بل بقتل أئمة الكفر وزعماء الشرك.
وبما أن الحق حق لذاته ، والباطل باطل لذاته ، وما ثبت للشيء لذاته ، فإنه يمتنع تحصيله بجعل جاعل ، فيكون المراد من تحقيق الحق وإبطال الباطل إظهار كون ذلك الحق حقا ، وإظهار كون ذلك الباطل باطلا ، إما بإظهار الدلائل والبينات ، وإما بتقوية رؤساء الحق ، وقهر رؤساء الباطل.
وليس هذا تكريرا لما سبق من إحقاق الحق ؛ لأن المعنيين متباينان ؛ لأن الأول لبيان مراد الله وأن هناك تفاوتا بينه وبين مرادهم ، أي الصحابة ، والثاني بيان الداعي والغرض فيما فعل من اختيار ذات الشوكة على غيرها لهم ونصرتهم عليها ، وأنه ما نصرهم ولا خذل أولئك إلا لهذا الغرض ، وهو التغلب على صاحبة القوة.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على ما يلي :
١ ـ الخير والمصلحة فيما أمر الله به ، وليس فيما يرى الإنسان ، فقد يرى ما هو ضار نافعا ، وما هو نافع ضارا.
٢ ـ فعل العبد بخلق الله تعالى في رأي أهل السنة ، بدليل قوله تعالى : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِ) فإنه روي أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم إنما خرج من بيته باختيار نفسه ، ثم إنه تعالى أضاف ذلك الخروج إلى نفسه ، ليدل على أنه خالق أفعال العباد.