المفردات اللغوية :
(لا تَخُونُوا) الخيانة في الأصل : النقص وإخلاف المرتجى ، ثم استعملت في الإخلال والنقص والغدر وإخفاء الشيء الذي هو ضدّ الأمانة والوفاء ، وفيه معنى النقصان. (أَماناتِكُمْ) ما ائتمنتم عليه من الدّين وغيره من التكاليف الشرعية ، والأمانة : كل حق يجب أداؤه إلى الغير. فتنة اختبار وابتلاء بما يشق على النفس فعله أو تركه ، وهي تكون في الاعتقاد والأقوال والأفعال والأشياء ، فيمتحن الله المؤمن والكافر على السواء. (وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) فلا تضيعوه بمراعاة مصالح الأموال والأولاد.
سبب النزول :
روى سعيد بن منصور وغيره عن عبد الله بن أبي قتادة قال : نزلت هذه الآية : (لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ) في أبي لبابة بن عبد المنذر ، سأله بنو قريظة يوم قريظة : ما هذا الأمر ، فأشار إلى حلقه ، يقول : الذبح ، فنزلت ، قال أبو لبابة : ما زالت قدماي حتى علمت أني خنت الله ورسوله.
فالآية نزلت في أبي لبابة مروان بن عبد المنذر ـ وكان حليفا لبني قريظة من اليهود ـ وقد بعثه صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى بني قريظة ، لينزلوا على حكمه ، فاستشاروه ، فأشار إليهم أنه الذبح ؛ لأن عياله وماله وولده كانت عندهم. وذلك بعد أن حاصرهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إحدى وعشرين ليلة.
قال الزهري : فلما نزلت الآية شدّ نفسه على سارية من سواري المسجد ، وقال : والله لا أذوق طعاما ولا شرابا حتى أموت أو يتوب الله علي ، فمكث تسعة أيام ـ وفي رواية : سبعة أيام ـ لا يذوق فيها طعاما حتى خرّ مغشيا عليه ، ثم تاب الله عليه ، فقيل : يا أبا لبابة قد تيب عليك ، فقال : لا والله ، لا أحلّ نفسي حتى يكون رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هو الذي يحلّني ، فجاءه فحلّه بيده.
ثم قال أبو لبابة : إن من تمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب ، وأن انخلع من مالي ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يجزيك الثلث أن تتصدق به.