ثم ختم الله تعالى الآية بخاتمة مؤثرة توقظ المقصر والمتورط فقال : (وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) أي أن ثوابه وعطاءه وجناته خير لكم من الأموال والأولاد ، فإنه قد يوجد منهم عدو ، وأكثرهم لا يغني عنك شيئا ، والله سبحانه هو المتصرف المالك للدنيا والآخرة ، فعليكم أن تؤثروا ثواب ربكم ، بمراعاة أحكام شرعه ودينه في الأموال والأولاد ، وأن تزهدوا في الدنيا ولا تحرصوا على جمع المال وحب الولد ، حتى تورطوا أنفسكم من أجلهما ، كقوله تعالى : (الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا ، وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً) [الكهف ١٨ / ٤٦].
فقه الحياة أو الأحكام :
تؤكد هذه الآيات مضمون المجموعتين السابقتين من الآيات التي تطالب بطاعة الله وطاعة الرسول ، والاستجابة لدعوة الله والرسول ، ثم يستمر التأكيد في الآية التي بعدها التي تطالب بتقوى الله أي العمل بالمأمورات واجتناب المنهيات.
وقد دلت هذه الآيات هنا على ما يلي :
١ ـ تحريم الخيانة المتعمدة مطلقا ، وإيجاب الأمانة : وهي أداء التكاليف الشرعية ، والأعمال التي ائتمن الله عليها العباد ، أي الفرائض والحدود. وأما الخيانة : فهي الإخلال بالواجبات ، والتقصير في أداء الفرائض ، وإفشاء الأسرار ، وعدم ردّ الودائع والأمانات إلى أصحابها ، وتضييع حقوق الآخرين.
٢ ـ الأموال والأولاد فتنة واختبار يمتحن به المؤمن الصادق الإيمان ، فإن كان كسب المال حلالا وإنفاقه في وجوه الخير ، نجا صاحبه من إثمه وطغيانه ، وإن ربي الوالد ولده تربية دينية خلقية ، وأطعمه الحلال الطيب ، خلص من الحساب يوم الآخرة. وإن كان العكس في كل ذلك عرّض نفسه للعقاب والإثم.