ونظير الآية قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ ، وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ ، يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ ، وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ، وَيَغْفِرْ لَكُمْ ، وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [الحديد ٥٧ / ٢٨].
فقه الحياة أو الأحكام :
تعددت الأوامر بالتقوى في القرآن الكريم ، ولكن جاء الأمر هنا بلفظ الشرط ؛ لأنه تعالى خاطب العباد بما يخاطب بعضهم بعضا ، فإذا اتقى العبد ربه ـ وذلك باتباع أوامره واجتناب نواهيه ـ وترك الشبهات مخافة الوقوع في المحرّمات ، وشحن قلبه بالنية الخالصة ، وجوارحه بالأعمال الصالحة ، وتحفّظ من شوائب الشرك الخفي والظاهر ، بمراعاة غير الله في الأعمال ، والركون إلى الدنيا بالعفة عن المال ، جعل له بين الحق والباطل فرقانا ، قال ابن إسحاق : (فُرْقاناً) : فضلا بين الحق والباطل ، وقال السدي : نجاة ، وقال الفرّاء : فتحا ونصرا ، وقيل : في الآخرة فيدخلكم الجنة ، ويدخل الكفار النار.
والآية ذكرت ثلاثة أنواع من الجزاء على التقوى :
النوع الأول :
(يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً) : وهو يشمل جميع الفروق الحاصلة بين المؤمنين وبين الكفار ، ففي الدنيا : يخص تعالى المؤمنين بالهداية والمعرفة ، ويخص صدورهم بالانشراح كما قال : (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ ، فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) [الزمر ٣٩ / ٢٢] ، ويزيل الغل والحقد والحسد عن قلوبهم ، والمكر والخداع عن صدورهم ، ويخصهم بالعلو والفتح والنصر والظفر ، كما قال : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) [المنافقون ٦٣ / ٨] وقال: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) [الصف ٦١ / ٩]. وأمر الفاسق والكافر بالعكس من ذلك.
وفي الآخرة : يكون الثواب والمنافع الدائمة والتعظيم من الله والملائكة.