الحارث ، وكان المقداد أسر النضر ، فلما أمر بقتله قال المقداد : يا رسول الله ، أسيري؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنه كان يقول في كتاب الله ما يقول». قال وفيه نزلت هذه الآية : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا : قَدْ سَمِعْنا) الآية.
المناسبة :
لما ذكّر الله تعالى المؤمنين نعمه عليهم بقوله : (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ) كذلك ذكّر رسوله نعمه عليه ، وهو دفع كيد المشركين ، ومكر الماكرين عنه.
التفسير والبيان :
واذكر أيها النبي حينما اجتمع المشركون لتدبير مؤامرة خطيرة عليك وعلى دعوتك ، فذلك أمر يستحق الشكر على النعمة ، ويدعو للعبرة والعظة ، ويدل على صدق دعوتك وتأييد ربك لك في وقت المحنة العصيبة.
لقد دبروا لك إحدى مكائد ثلاث : إما الحبس الذي يحول بينك وبين دعوة الناس ، وإما القتل بطريق جميع القبائل ، وإما الطرد والإخراج من البلاد.
إنهم يمكرون ويدبرون في السرّ أمرا مكروها لإيقاعه بك من حيث لا تحتسب ، ولكن الله عزت قدرته يحبط مكرهم ويبطل تآمرهم ويذهب كيدهم هباء ، فقد أخرجك مهاجرا سليما من بينهم دون أي أذى ، من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة ، والله خير المدبرين وأعلمهم ولا خير في مكرهم. فمعنى قوله : (وَيَمْكُرُونَ) : يخفون المكايد له ، ومعنى : (وَيَمْكُرُ اللهُ) : ويخفي الله ما أعدّ لهم حتى يأتيهم بغتة ، ومكر الله : هو جزاؤهم بالعذاب على مكرهم (وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) أي مكره أنفذ من مكر غيره ، وأبلغ تأثيرا ، وأحق بالفعل المدبّر ؛ لأن تدبيره نصر للحق وعدل ، ولا يفعل إلا ما هو مستوجب.